عليهم ما توجه. وهذا أيضًا فاسد؛ لأنه يلزم منه أن يكونوا أقدموا على ما لا يجوز لهم شرعًا، ووافقهم على ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -. وكل ذلك عليهم مُحال بما قدّمناه من وجوب عصمة النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الخطأ في الشريعة ومن ظهور الأدلة (١) المرجحة (٢) بما قدمناه.
الثالث: أن ذلك إنما توجه على من أراد بفعله عرض الدنيا، ولم يرد الدِّين، ولا الدَّار الآخرة. بدليل قوله تعالى:{تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ} ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا أبو بكر، ولا من نحا نحوهما ممن يريد عرض الدنيا، فالوعيد والتوبيخ متوجهان إلى غيرهم ممن أراد ذلك. وهذا أحسنها. والله تعالى أعلم.
وبكاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر لم يكن لأنهما دخلا فيمن توعد بالعذاب، بل شفقة على غيرهما ممن توعد بذلك؛ بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: (أبكي للذي عرض عليّ أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة)، لا سيما وقد أوحي إليه: أنه يقتل منهم عامًا قابلًا مثلهم (٣). فبكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لذلك.
وأما قوله تعالى:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسرَى حَتَّى يُثخِنَ فِي الأَرضِ} فليس بتوبيخ، ولا ذم، وإنما هو من باب التنبيه على أن القتل كان
(١) في (ز): الأمور. (٢) في (ج): الراجحة. (٣) في هذا إشارة إلى ما حصل في غزوة أُحُد بالنسبة للصحابة -رضوان الله عليهم-.