[٨٨] عَن سَهلِ بنِ سَعدٍ السَّاعِدِيِّ؛ أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - التَقَى هو وَالمُشرِكُونَ فَاقتَتَلُوا، فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى عَسكَرِهِ، وَمَالَ الآخَرُونَ إِلَى عَسكَرِهِم، وَفِي أَصحَابِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ لَا يَدَعُ لَهُم شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً إِلَاّ اتَّبَعَهَا يَضرِبُهَا بِسَيفِهِ، فَقَالُوا: مَا أَجزَأَ مِنَّا اليَومَ أَحَدٌ كَمَا أَجزَأَ فُلَانٌ،
(قوله: لَا يَدَعُ لَهُم (١) شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً) الشَّاذُّ: الخارجُ عن الجماعة، والفاذُّ: المنفرد، وأنَّث الكلمتَينِ على جهة المبالغة؛ كما قالوا: عَلَاّمَةٌ، ونَسَّابة؛ قال ابن الأعرابي: يقال: فلانٌ لا يَدَعُ لهم شَاذَّةً ولا فَاذَّةً: إذا كان شُجَاعًا لا يلقاه أحدٌ. وفيه من الفقه: ما يدلُّ على جواز الإغيَاءِ (٢) في الكلامِ والمبالغةِ فيه، إذا احتِيج إليه، ولم يكن ذلك تعمُّقًا ولا تشدُّقًا.
و(قوله: مَا أَجزَأَ مِنَّا اليَومَ أَحَدٌ كَمَا أَجزَأَ فُلَانٌ) كذا صحَّت روايتنا فيه رباعيًّا مهموزًا، ومعناه: ما أغنَى ولا كَفَى. وفي الصحاح: أجزَأَني الشيءُ: كفاني، وجزَى عنِّي هذا الأمرُ، أي: قَضَى؛ ومنه قوله: لَا تَجزِي نَفسٌ عَن نَفسٍ شَيئًا أي: لا تَقضِي، ومنه قوله - عليه الصلاة والسلام - لأبي بردةِ: تَجزِي عَنكَ، وَلَا تَجزِي عَن أَحَدٍ بَعدَكَ (٣)، قال: وبنو تميمٍ يقولون: أَجزَأَت عنك شاةٌ، بالهمز. وقال أبو عُبَيد: جَزَأتُ بالشيءِ وأجزَأتُ؛ أي: اكتفَيتُ به، وأنشَدَ:
(١) في (ط): له. (٢) "الإغياء": بلوغ الغاية في الأمر. (٣) رواه أحمد (٤/ ٣٠٢).