(٣٧) ومن باب: غرز الخشب في جدار الغير، وإذا اختلف في الطريق
(قوله: لا يمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره) اختلف العلماء في تمكين رب الحائط من هذا عند السؤال. فصار مالك في المشهور عنه، وأبو حنيفة: إلى أن ذلك من باب الندب، والرفق بالجار، والإحسان إليه، ما لم يضر ذلك بصاحب الحائط. ولا يجبر عليه من أباه، متمسكين في ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم:(لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه)(١) ولأنه لما كان الأصل المعلوم من الشريعة: أن المالك لا يجبر على إخراج ملك عن يده بعوض، كان أحرى وأولى ألا يخرج عن يده بغير عوض. وصار آخرون: إلى أن ذلك على الوجوب، ويجبر من أباه عليه. وممن ذهب إلى ذلك: الشافعي، وأحمد بن حنبل، وداود بن علي، وأبو ثور، وجماعة من أهل الحديث، وهو مذهب عمر. وحكي ذلك عن المُطَّلب - قاضٍ كان بالمدينة - يقضي (٢) به، متمسكين بظاهر النهي المذكور، ولأنه قد روي من طريق آخر عن أبي هريرة في هذا الحديث:(لا يحل لامرئ مسلم أن يمنع جاره أن يغرز خشبات في جداره)(٣). وبقضاء عمر
(١) رواه أحمد (٥/ ٤٢٥)، والبيهقي (٦/ ١٠٠ و ٨/ ١٨٢)، والدارقطني (٣/ ٢٦). وانظر مجمع الزوائد (٤/ ١٧٢)، وتلخيص الحبير (٣/ ٤٥)، والتمهيد (١٠/ ٢٢٢)، ومسند الفردوس رقم (٧٦٣٥). (٢) في (ع) يفتي به. (٣) ذكره الطحاوي في مشكل الآثار (٣/ ١٥٤)، وابن عبد البر في التمهيد (١٠/ ٢٢٩).