الأولى، والأردع، مع أنه ما كان الله تعالى تقدَّم له في ذلك بشيء، كما قررناه. وهذا من باب قوله تعالى:{عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُم} فقدَّم العفو على المعاتبة؛ إذ لم يتقدَّم له في إذنهم بشيء، والله تعالى أعلم.
و(الأسرى): جمع أسير، وأصل الأسر: الشدّ والرَّبط. وقرأ أبو جعفر:(أسارى). قال الفراء: أهل الحجاز يقولون: أسارى، وأهل نجد يقولون: أسرى في أكثر كلامهم، وهو أصوبها في العربية؛ لأنه بمنزلة: جريح، وجرحى. قال الزجاج: فعلى: جمع لكل ما أصيب به الناس في أبدانهم، وعقولهم. يقال: هالك وهلكى، ومريض ومرضى. ومن قرأ: أُسَارَى فهو جمع الجمع؛ لأن جمع أسير: أسرى. وجمع أسرى: أسارى. قال أبو عمرو: أسارى في القدّ (١)، وأسرى في اليد (٢). {وَاللَّهُ عَزِيزٌ} في قهر الأعداء {حَكِيمٌ} في عتاب الأولياء.
وقوله تعالى:{لَولا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ}، فيها أربعة أقوال:
أحدها: لولا أنه سبق في أم الكتاب: أنه سيحل لهم الغنائم والفداء؛ قاله ابن عباس.
(١) "القِدّ": سُيُورٌ تُقَدُّ من جلْد فَطِير غير مدبوغ، فتشدُّ بها الأقتاب والمحامل. (٢) جاء في تفسير القرطبي (٨/ ٤٥): قال أبو عمرو بن العلاء: الأسرى هم غير الموثقين عندما يُؤخذون. والأُسارى: هم الموثقون ربطًا.