مخالف لما تقدَّم من حديث جابر (١): أنه أفاض إلى مكة، ثم صلَّى بمكة الظهر. وهذا هو الأصح، ويعضده حديث أنس، قال فيه: إنه - صلى الله عليه وسلم - صلى العصر يوم النحر بالأبطح، وإنما صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر بمنى يوم التروية، كما قال أنس. وما في حديث ابن عمر وهم من بعض الرواة. وقد تقدم: أن التحصيب: نزول المحصب، وهو الأبطح، والبطحاء.
و(خيف بني كنانة) والخيف: ما انحدر عن الجبل، وارتفع عن المسيل. وقد أخذ مالك بحديث ابن عمر، ورأى: أنه ينزل به عند رجوعه من منى، فيصلي به الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، ثم يدخل مكة أول الليل؛ لا سيما للأئمة، وهو واسع لغيرهم.
قال عياض: وهو مستحب عند جميع العلماء، وهو عند الحجازيين أوكد منه عند الكوفيين. وكلهم مُجمع على (٢): أنه ليس من المناسك التي تلزم، وإنما فيه اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وتبرُّك بمنازله. وعلى هذا: فقول عائشة: ليس نزول الأبطح سنة، وقول ابن عباس: ليس التحصيب بشيء، إنما يعنيان: أنه ليس من المناسك التي يلزم بتركها دم ولا غيره.
ونزوله - صلى الله عليه وسلم - بخيف بني كنانة إنما كان شكرًا لله تعالى على ما أظهره على عدوِّه
(١) سبق تخريجه برقم (١٣٩٤). (٢) ساقط من (ع) و (ج).