في أنواع العلوم، قال بعضهم: حج معاوية وابن عبّاس وكان [١] لمعاوية موكب بالولاية، ولابن عباس موكب بالرواية والدراية.
قال ابن عبّاس: ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «اللهمّ علمه الحكمة»[٢] . وقال أيضا: دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح ناصيتي وقال: «اللهمّ علمه الحكمة وتأويل الكتاب»[٣] . وقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: ما رأيت أحدا أعلم بالسنة ولا أجلد رأيا ولا أثقب نظرا حين ينظر من ابن عبّاس، وإن كان عمر بن الخطّاب ليقول [٤] له: قد طرأت علينا عضل أقضية أنت لها ولأمثالها.
وقال عطاء بن أبي رباح: ما رأيت مجلسا قط أكرم من مجلس ابن عبّاس، أكثر فقها وأعظم، إن أصحاب الفقه عنده، وأصحاب القرآن عنده، وأصحاب الشعر عنده، يصدرهم كلهم في واد واسع.
وقال مغيرة: قيل لابن عباس: أنى أصبت هذا العلم؟ قال: بلسان سؤول، وقلب عقول [٥] .
وقال مجاهد: كان ابن عبّاس يسمى البحر من كثرة علمه [٦] .
[١] في المطبوع: «فكان» . [٢] رواه البخاري رقم (٧٥) في العلم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم علمه الكتاب» والمراد به القرآن وفي رواية «اللهمّ علمه الحكمة» ، والمراد بالحكمة السنة، قال الحافظ في «الفتح» : وفي رواية للنسائي والترمذي من طريق عطاء عن ابن عباس قال: دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أوتى الحكمة مرتين. [٣] رواه ابن سعد في «الطبقات» (٢/ ٣٦٥) وإسناده ضعيف، ولكن تشهد له الأحاديث التي قبله. [٤] في المطبوع: «وكان عمر بن الخطاب يقول له» . [٥] قلت: جاء في «الإصابة» لابن حجر (٦/ ١٣٤) قوله: قال عبد الرزاق: أنبأنا معمر عن الزهري قال: قال المهاجرون لعمر: ألا تدعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس؟ قال: ذاكم فتى الكهول، له لسان سؤول، وقلب عقول. وساق الذهبي هذه الرواية بلفظ قريب في «سير أعلام النبلاء» (٣/ ٣٤٥) موقوفة على معمر. [٦] انظر «أنساب الأشراف» للبلاذري (٣/ ٣٣) ، و «المستدرك على الصحيحين» للحاكم