للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحدّثنا عاصم بن سليمان الأحول عن الحسن، قال: كتب أبو موسى الأشعري إلى عمر بن الخطّاب : «إنّ تجّارا من قبلنا من المسلمين يأتون أهل الحرب فيأخذون منهم العشر». فكتب إليه عمر : «فخذ أنت منهم كما يأخذون من تجّار المسلمين، وخذ من أهل الذّمّة نصف العشر، ومن المسلمين من كلّ أربعين درهما درهما، وليس فيما دون المائتين شيء، فإذا كانت مائتين ففيها خمسة دراهم، فما زاد فبحساب».

وحدّثنا عبد الملك بن جريج، عن عمرو بن شعيب، قال: إنّ أهل منبج - قوما من أهل الشّرك وراء البحر - كتبوا إلى عمر بن الخطّاب : «دعنا ندخل أرضك تجّارا وتعشرنا». قال: فشاور عمر أصحاب النّبيّ ، فأشاروا عليه به. فكانوا أوّل من عشّره من أهل الحرب.

وحدّثنا السّدّي بن إسماعيل، عن عامر الشّعبي، عن زياد بن حدير (a) الأسدي، قال: إنّ عمر بن الخطّاب بعثه على عشور العراق والشّام، وأمره أن يأخذ من المسلمين ربع العشر، ومن أهل الذّمّة نصف العشر، ومن أهل الحرب العشر. فمرّ عليه رجل من بني تغلب من نصارى العرب، ومعه فرس، فقوّمها بعشرين ألفا، فقال: أمسك الفرس وأعطني ألفا، أو خذ منّي تسعة عشر ألفا وأعطني الفرس، قال: فأعطاه ألفا وأمسك الفرس. قال: ثم مرّ عليه راجعا في سنته، فقال: أعطني ألفا أخرى. فقال له التّغلبي: كلّما مررت بك تأخذ منّي ألفا؟! قال: نعم. فرجع التّغلبي إلى عمر بن الخطّاب فوافاه بمكّة وهو في بيت له، فاستأذن عليه، فقال: من أنت؟ فقال: أنا رجل من نصارى العرب. وقصّ عليه قصّته. فقال له عمر : كفيت. ولم يزده على ذلك.

قال: فرجع الرّجل إلى زياد بن حدير (a)، وقد وطّن نفسه على أن يعطيه ألفا، فوجد كتاب عمر قد سبق إليه: «من مرّ عليك فأخذت منه صدقة، فلا تأخذ منه شيئا إلى مثل ذلك اليوم من قابل، إلاّ أن تجد فضلا» (١).


(a) بولاق: جرير.
(١) قارن مع البلاذري: أنساب الأشراف، القسم الخامس - سائر فروع قريش، ٤٢٥.