وقال له في آية أخرى: ﴿قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا *قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا *﴾ [الجن]، يعني: لو أرَادَ اللَّهُ به سوءاً ما مَنَعَه أحدٌ، فهو عَبْدٌ مِن العباد، وهو ﷺ أشدُّ الناسِ خشيةً لله، وأقومهم تعبّداً لله، حتى إنه كان يقوم لله ﷿ حتى تتورَّمَ قدماه، فيُقال له: لقد غَفَرَ الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخر. فيقول:«أفلا أكون عَبْداً شكوراً»(١).
وقوله:«ورسولُهُ» أي: مُرْسَلُهُ، أرسله الله ﷿ وجعله واسطة بينه وبين الخَلْق في تبليغ شرعه فقط، إذْ لولا رسول الله ما عرفنا كيف نعبد الله ﷿، فكان ﵊ رسولاً مِن الله إلى الخَلْقِ، ونِعْمَ الرسول، ونِعْمَ المرسِل، ونعم المرسَل به، فالنبيُّ ﵊ هو رسولٌ مرسلٌ مِنَ الله، وهو أفضل الرُّسل، وخاتمهم، وإمامهم، ولهذا لما جُمِعُوا له ليلة المعراج تقدَّمهم إماماً مع أنه آخرهم ﵊(٢).
وعُلِمَ من هذين الوصفين للرسول ﷺ العبودية والرسالة ـ ضلالُ طائفتين ضَلَّتا فيه.
(١) أخرجه مسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب إكثار الأعمال والاجتهاد في العبادة (٢٨٢٠) (٨١)؛ وعند البخاري: (أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً)، كتاب التفسير، باب ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر (٤٨٣٧). (٢) أخرجه الإمام أحمد في المسند (١/ ٢٥٧).