وقوله:«الوجه» هو ما تحصُل به المواجهةُ، وحَدُّه طولاً: من منحنى الجبهة إِلى أسفل اللحية، وعرضاً من الأُذن إلى الأذن.
وقولنا: من منحنى الجبهة؛ وهو بمعنى قول بعضهم: من منابت شعر الرَّأس المعتاد (١)؛ لأنه يصِل إِلى حَدِّ الجبهة وهو المنحنى، وهذا هو الذي تحصُل به المواجهة؛ لأن المنحنى قد انحنى فلا تحصُل به المواجهة والدَّليل قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ [المائدة: ٦]. وقد سبق حكم مسترسل اللِّحية (٢).
قوله:«والفمُ والأنفُ منه»، أي: من الوجه؛ لوجودهما فيه فيدخلان في حَدِّه، وعلى هذا فالمضمضة والاستنشاق من فروض الوُضُوء؛ لكنهما غير مستقلَّين؛ فهما يشبهان قوله ﷺ:«أُمِرتُ أن أسْجُدَ على سبعة أَعظُم، على الجبهة، وأشار بيده على أنفه»(٣)، وإن كانت المشابهة ليست من كُلِّ وجه.
قوله:«وغسل اليدين»، هذا هو الفرضُ الثَّاني، وأطلق المؤلِّف ﵀ لفظ اليدين، ولكن يجب أن يقيِّد ذلك بكونه إلى المرفقين؛ لأنَّ اليد إِذا أطلقت لا يُرادُ بها إِلا الكفّ.
(١) انظر: «الإِنصاف» (١/ ٣٢٩)، وسيأتي ذلك في المتن ص (٢١٠). (٢) انظر: ص (١٧٢). (٣) رواه البخاري، كتاب الأذان: باب السجود على الأنف، رقم (٨١٢)، ومسلم، كتاب الصلاة، باب أعضاء السجود، رقم (٤٩٠) من حديث ابن عباس.