مكان ليس فيه جُدران، أو أشجار ساترة، أو جبال، يبعد في الفضاء حتى يستترَ؛ لحديث المغيرة بن شُعبة في «الصَّحيحين» قال: «فانطلق حتى تَوَارى عَنِّي فقضى حاجته»(١)، وأيضاً: فيه من المروءة والأدب ما هو ظاهر.
قوله:«واستتارُه»، يعني: يُستحب استتارُه، والمراد استتارُ بدنه كُلِّه، وهذا أفضل؛ لما تقدَّم من حديث المغيرة بن شُعبة، وأما استتارُه بالنسبة للعورة فهو أمر واجب.
قوله:«وارتيادُه لبوله مكاناً رَخْواً»، ارتياد، أي: طلب، و «لبوله» يعني: دون غائطه، و «رخواً»: مثلث الرَّاء ومعناه المكان اللَّيِّن الذي لا يُخشى منه رَشاشُ البول.
فإِن قيل: لماذا يُستَحبُّ؟
فالجواب: أنه أسلم من رَشَاش البول، وإن كان الأصلُ عدمُ إِصابتَهِ، لكن رُبَّما يفتح باب الوِسواس إِذا كان المكان صُلباً.
وكثير من النَّاس يُبتلى بالوِسواس في هذه الحال، فيقول: أخشى أن يكون قد رُشَّ عليَّ، ثم تبدأ النَّفسُ تعملُ عَمَلَها حتى يَبْقى شاكًّا في أمره.
فإِن كان في أرض ليس حولَه شيءٌ رخْوٌ، قالوا: يُدني ذَكَرَه من الأرض حتى لا يحصُل الرَّشاش (٢)، وهذا صحيح، وكُلُّ هذا
(١) رواه البخاري، كتاب الوضوء: باب المسح على الخفين، رقم (٢٠٣)، ومسلم، كتاب الطهارة: باب المسح على الخفين، رقم (٢٧٤) واللفظ له. (٢) انظر: «شرح منتهى الإِرادات» (١/ ٣٠).