وأما فعله فكما في حديث ابن مسعود ﵁ أن النبيَّ ﷺ أتى الغائط، وأمره أن يأتيه بثلاثة أحجار، فأتاه بحجرين ورَوْثة، فأخذ النبيُّ ﷺ الحجرين، وألقى الرَّوثة وقال:«هذا رِكْسٌ»(١)، وفي رواية:«ائتني بغيرها»(٢).
وحديث أبي هريرة ﵁ أنه جمع للنبيِّ ﷺ أحجاراً، وأتى بها بثوبه؛ فوضعها عنده؛ ثم انصرف (٣). فدلَّ على جواز الاستجمار.
وهذا مما يدلِّل لقول شيخ الإسلام ﵀ أن النَّجاسة إِذا زالت بأي مزيل كان طَهُرَ المحلُّ (٤). وهذا أقرب إلى المنقول والمعقول من قول من قال: لا يزيل النَّجس إِلا الماء الطَّهُور.
الثالثة: أن يستنجيَ بالحجر ثم بالماء.
وهذا لا أعلمه ثابتاً عن النبيِّ ﷺ، لكن من حيث المعنى لا شكَّ أنه أكمل تطهيراً.
إن لم يَعْدُ الخارجُ موضعَ العادة.
قوله:«إن لم يَعْدُ الخارجُ موضعَ العادةِ»، اشترط المؤلِّفُ للاستجمار شروطاً: الشَّرط الأول أشار إِليه بقوله: «إِن لم يَعْدُ الخارجُ موضعَ العادةِ»، أي: الذي جرت العادة بأن البول ينتشر إليه من رأس الذَّكَر، وبأن الغائط ينتشر إليه من داخل الفَخذين،
(١) رواه البخاري، كتاب الوضوء: باب لا يستنجي بروثٍ، رقم (١٥٦). (٢) رواه الدارقطني في «سننه» (١/ ٥٥). (٣) رواه البخاري، كتاب الوضوء: باب الاستنجاء بالحجارة، رقم (١٥٥). (٤) انظر: «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٤٧٥). وسياق الكلام على هذه المسألة يأتي إِن شاء الله تعالى ص (٤٢٤).