قوله:«ومن فاتته الصلاة عليه صلى على القبر»، أي: يصلي على القبر إن كانت دفنت، وإلا صلى عليها ولا ينتظر؛ لأن الصلاة على القبر إنما تكون للضرورة إذا لم يمكن حضور الميت بين يديه.
ودليل ذلك: قصة المرأة التي كانت تقمُّ المسجد، أي ترفع قمامته وتنظفه، فماتت ليلاً، ولم يؤذن النبي ﷺ بذلك تحقيراً لشأنها؛ ولئلا يشق على النبي ﷺ، فلما سأل عنها أخبروه أنها ماتت فقال:«هلاَّ كنتم آذنتموني، ـ أي: أخبرتموني ـ، فقال: دلوني على قبرها فخرج بنفسه ﵊ وصلى على قبرها»(١).
وفي هذا من عناية الرسول ﵊ بأهل الخير ما هو ظاهر، إذ ليس لها عمل إلا أنها تقم المسجد، مع أنها امرأة سوداء.
وفيه عناية الرسول ﷺ بالمساجد، كما جاء في حديث عائشة ﵂ أن النبي ﷺ:«أمر ببناء المساجد في الدور، وأن تنظف وتطيب»(٢).
وفيه تواضع النبي ﷺ للخروج إلى قبرها ليصلي عليه، وإلا فبإمكانه أن يدعو لها في مكانه.
(١) أخرجه البخاري (٤٥٨)؛ ومسلم (٩٥٦) عن زيد بن ثابت ﵁. (٢) سبق تخريجه ص (٧٠).