قوله:«سِرًّا»، أي: يُبسمِلُ سِرًّا، يعني: إذا كانت الصَّلاةُ جهريَّة.
أما إذا كانت الصلاة سِرِّية فإنه سوف يُسرُّ بالبسملة وبالقراءة، فقوله:«سِرًّا» يعني: أنه لا يسمعها المأمومين، وإن كان يجهر بالقراءة؛ وذلك لأن أكثر الأحاديث الواردة عن النبيِّ ﷺ تدلُّ على أنه كان يقرؤها سِرًّا (١). بل قد قيل: إنَّ كُلَّ حديث ذُكر فيه الجهرُ بالبسملة فهو ضعيف (٢).
قوله:«وليست من الفاتحة» الضَّميرُ يعودُ على البسملة، بل هي آيةٌ مستقلِّة يُفتتح بها كلُّ سورة مِن القرآن؛ ما عدا براءة، فإنه ليس فيها بسملة اجتهاداً من الصحابة، لكنه اجتهاد ـ بلا شك ـ مستندٌ إلى توقيف؛ لأننا نعلم أنه لو نزلت البسملة بين الأنفال وبراءة لوجب بقاؤها؛ لأن الله يقول: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ *﴾ [الحجر: ٩] فلمَّا لم يكن، عُلِمَ أن اجتهاد الصَّحابة كان موافقاً للواقع.
والدليل على أنها ليست من الفاتحة ما ثبت في «الصحيح» من حديث أبي هريرة ﵁ أنَّ النبيَّ ﷺ قال: «قال الله تعالى: قَسَمْتُ الصَّلاةَ بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبدُ: الحمدُ لله ربِّ العالمين، قال اللَّهُ تعالى: حَمَدَني عبدي … »(٣) الحديث.
(١) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير (٧٤٣)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب حجة من قال: لا يجهر بالبسملة (٣٩٩) (٥٠). (٢) انظر: «المغني» لابن قدامة (٢/ ١٤٩)، و «مجموع فتاوى شيخ الإسلام» (٢٢/ ٢٧٥). (٣) أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة (٣٩٥) (٣٨).