وظاهر كلام المؤلِّف: أن سَتْرَ الرَّأس ليس بسُنَّة؛ لأنَّه قال:«صلاته في ثوبين» إزار ورداء، قميص ورداء، وما أشبه ذلك، فظاهره أنه لا يُشرع ستر الرأس، وقد سبق في أثر ابن عمر أنه قال لمولاه نافع:«أتخرجُ إلى النَّاس حاسرَ الرَّأس؟ قال: لا، قال: فالله ﷿ أحقُّ أن يُستحى منه»(١). وهو يدلُّ على أن الأفضل ستر الرأس، ولكن إذا طبَّقنا هذه المسألة على قوله تعالى: ﴿يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١] تبيَّن لنا أن ستر الرأس أفضل في قوم يعتبر ستر الرأس عندهم من أخذ الزِّينة، أما إذا كُنَّا في قوم لا يُعتبر ذلك من أخذ الزينة، فإنَّا لا نقول: إنَّ ستره أفضل، ولا إنَّ كشفه أفضل، وقد ثبت عن النبيِّ ﵊:«أنه كان يُصلِّي في العِمامة»(٢)، والعِمَامة ساترة للرَّأس.
وَيَكْفِي سَتْرُ عَوْرَتِه في النَّفْلِ ..........
قوله:«ويكفي سَتْرُ عَوْرَته في النَّفل»، أي: عورة الرَّجُل، وهي ما بين السُّرة والرُّكبة، إلا من سبع إلى عشر فهي الفَرْجان،
(١) تقدم الكلام عليه ص (١٥٠). (٢) روى البخاري، كتاب الوضوء: باب المسح على الخفين، رقم (٢٠٥)، عن جعفر بن عمرو عن أبيه قال: «رأيت النبيَّ ﷺ يمسح على عِمامته»، وما مسح عليها في الوضوء إلا ليصلي بها. ـ وروى مسلم، كتاب الحج: باب دخول مكة بغير إحرام، رقم (١٣٥٩)، عن عمرو بن حريث أنه رأى النبيَّ ﷺ يخطب على المبنر وعليه عِمامة سوداء … ». ـ وروى البخاري، كتاب الصلاة: باب السجود على الثوب في شدة الحرِّ، معلقاً بصيغة الجزم، ووصله عبد الرزاق (١/ ٤٠٠)، وابن أبي شيبة عن الحسن: «أن أصحاب رسول الله ﷺ كانوا يسجدون على عمائمهم … ».