قوله:«وإن لم يسجد القارئ لم يسجد» أي: إنْ لم يسجدِ القارئ لم يسجدِ المستمعُ؛ لأنَّ سجودَ المستمِعِ تَبَعٌ لسُجودِ القارئِ، فالقارئُ أصلٌ والمستمعُ فَرْعٌ. ودليل ذلك: حديث زيد بن ثابت: «أنه قرأ على النَّبيِّ ﷺ سورةَ النَّجم فلم يَسجُدْ فيها»(١) فقوله: «قرأ سورةَ النَّجم فلم يسجدْ فيها» يدلُّ على أنَّ زيدَ بنَ ثابت لم يسجدْ؛ لأنه لو سَجَد لسجدَ النَّبيُّ ﷺ، كما كان الصَّحابة يسجدون مع الرَّسول ﷺ، ولم يُنكر عليهم، فلم يقل: لا تسجدوا؛ لأنكم لم تقرأوا. بل كان يُقِرُّهم.
فحديثُ زيدِ بن ثابت يُستدلُّ به على أنه إذا لم يسجدِ القارئُ لم يسجدِ المستمِعُ، ولا يصحُّ أن يُستدلَّ به على نَسْخِ سُجود التِّلاوة في «المُفَصَّل» كما قال به بعضُ العلماء؛ لأنه ثبت في «صحيح مسلم» عن أبي هريرة أنَّ الرَّسول ﷺ سَجَدَ في «إذا السماء انشقت» وفي سورة «اقرأ»(٢). وهما من «المُفَصَّل».
مسألة: هل للمستمع أن يُذَكِّرَ القارئَ فيقول: اسجدْ؟
نقول: إن احتمل الأمرُ أنَّه ناسٍ فَلْيُذكِّرْهُ، أما إذا لم يحتمل النِّسيان كأن يكون ذاكراً فلا يُذكِّرْه؛ لأنه تركها عن عَمْدٍ؛ ليُبيِّن مثلاً ـ إذا كان طالب علم ـ أنَّ سجودَ التِّلاوة ليس بواجب.