أخرجه أبو داود وغيره أنَّ الرَّسول ﷺ كان إذا سافر؛ فأراد أن يتطوَّع؛ استقبل بناقته القِبْلة؛ فكبَّر، ثم صَلَّى حيث وجَّهه رِكابُه (١). قالوا: فهذا دليل على أنه يجب افتتاح الصَّلاة إلى القِبْلة، لأن تكلُّفَ النبيِّ ﷺ ومعاناته لإيقاف البعير واتجاهه إلى القِبْلة وقطع المسير يدلُّ على أنه أمر واجب (٢).
وقال بعض أهل العلم: إنه ليس بواجبٍ (٥٠٩). وأجابوا عن هذا الحديث بأمرين:
أولاً: أنَّه ليس إلى ذاك في الصِّحَّة، وغاية ما قيل فيه: إنه حسن.
والثاني: أنه فعل، ومجرد الفعل لا يدلُّ على الوجوب. وحديث ابن عمر وغيره من الأحاديث عامة:«أنَّه كان يُصلِّي حيث كان وجهه»(٣). وظاهرها أنه من ابتداء الصلاة إلى انتهائها.
(١) رواه أحمد (٣/ ٢٠٣)، وأبو داود، كتاب الصلاة: باب التطوع على الراحلة والوتر، رقم (١٢٢٥)، والطبراني في «الأوسط» رقم (٢٥٥٧)، والدارقطني (١/ ٣٩٥)، والبيهقي (٢/ ٥). من طُرقٍ عن ربعي بن عبد الله بن الجارود، عن عمرو بن أبي الحجاج، عن الجارود بن أبي سبرة، عن أنس به. قال الطبراني: لا يُروى عن الجارود إلا بهذا الإسناد، تفرَّد به ربعي. قال ابنُ كثير: إسناده غريب. «إرشاد الفقيه» (١/ ١١٦). قلتُ: ربعيُّ هذا؛ قال ابن معين: صالح، قال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال الذهبي وابن حجر: صدوق. انظر: «تهذيب الكمال» (٩/ ٥٧). والحديث صحَّحه ابن السكن. وحسَّنه المنذري في «مختصر السنن» (١١٧٩). قال ابن الملقن: «رواه أبو داود بإسناد صحيح»، «خلاصة البدر المنير» (١/ ١١٠). قال ابن حجر: «إسناده حسن». «بلوغ المرام» رقم (٢١٤) والله أعلمُ. (٢) انظر: «المغني» (٢/ ٩٨)، «الإنصاف» (٣/ ٣٢٧). (٣) تقدم تخريجه ص (٢٥٧).