والدَّليل: ما ثبت في «الصحيحين» وغيرهما من أنَّ رسول الله ﷺ صلَّى في جوف الكعبة ركعتين نافلة (١).
وهل تصحُّ المنذورة في الكعبة؟ أي: إذا نَذَرَ أحدٌ أن يُصلِّي ركعتين، فهل يصحُّ أن يصلِّيهما في الكعبة؟.
نقول: كلام المؤلِّف اشتمل على منطوق ومفهوم، فالفريضة عرفنا حكمها بالمنطوق وأنها لا تصحُّ، والنَّافلة عرفنا حكمها بالمفهوم أنها تصحُّ، بقي المنذورة.
فالمنذورة يمكن أن نقول: إن كلام المؤلِّف يقتضي أن يكون مسكوتاً عنها؛ لأنها لا تدخل في الفريضة؛ ولا تدخل في النَّافلة، وقد يقول قائل: نلحقها بالأقرب إليها، فإن نظرنا إلى أنها لم تجب بأصل الشَّرع؛ وإنما أوجبها المكلَّف على نفسه قلنا: إلحاقها بالنافلة أقربُ؛ لأنَّ الشَّرع لم يلزمه بها. وإن نظرنا إلى أنَّ الشَّرع ألزمه بها إذا وُجِدَ سَبَبُها وهو النَّذر؛ لقول الرَّسول ﷺ:«مَنْ نَذَرَ أنْ يُطيعَ اللَّهَ فليُطعْهُ»(٢). قلنا: إنها أقرب إلى الفريضة، ولذلك اختلف العلماء فيها (٣).
فمنهم من قال: إنَّ المنذورة تلحق بالفريضة؛ فلا تصحُّ في الكعبة.
(١) رواه البخاري، كتاب الحج: باب إغلاق البيت، رقم (١٥٩٨)، ومسلم، كتاب الحج: باب استحباب دخول الكعبة للحاج، رقم (١٣٢٩) عن ابن عمر ﵄. (٢) رواه البخاري، كتاب الإيمان والنذور: باب النذر فيما لا يملك رقم (٦٧٠٠) عن عائشة ﵂. (٣) انظر: «الاختيارات» ص (٤٥)، «شرح منتهى الإرادات» (١/ ١٥٨).