الحياة كما أن النفس مادة الحياة، فبقطعهما تزول الحياة، فكان قطعهما واجباً.
مسألة: هل يشترط إبانتهما؟ لا يشترط، فلو قطع نصف الحلقوم ثم أدخل السكين من تحته، وقطع نصف المريء حلت الذبيحة؛ لأن قطعهما وإبانتهما ليست بشرط، وهو محل خلاف.
أما حكم قطع الودجين ـ على ما ذهب إليه فقهاؤنا ـ فهو سنة، وليس بشرط لحل الذبيحة، ولمَّا لم يرد في هذا نص صريح اختلف العلماء في هذه المسألة؛ لأن النص الصريح الصحيح الوارد في هذا المقام هو قوله ﷺ:«ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل»(١)، وكذلك ما ورد عنه ﷺ وإن كان في سنده مقال ـ:«النحر في الحلق واللبَّة»(٢)، فالمشهور من المذهب أن الشرط قطع الحلقوم والمريء.
وقيل: إن الشرط قطع الودجين، وإن لم يقطع الحلقوم والمريء، واستدلَّ هؤلاء بقوله ﷺ:«ما أنهر الدم»(٣)، ولم يقل: ما قطع النفس، أو قطع الطعام، ولا ريب عند كل عارف أنه لا يكون إنهار الدم إلا بقطع الودجين فقط أما الحلقوم والمرئ فمن كمال الذبح، واستدلوا ـ أيضاً ـ بأن النبي ﷺ:«نهى عن شريطة الشيطان»(٤)، وهي التي تذبح ولا تُفرى أوداجها، وهذا رواه أبو
(١) رواه الدارقطني (٤/ ٢٨٣)، والبيهقي (٩/ ٢٧٨) وضعفه، انظر: نصب الراية (٢/ ٤٨٤)، والإرواء (٢٥٤١). (٢) سبق تخريجه ص (٥٥). (٣) أخرجه الإمام أحمد (١/ ٢٨٩) عن ابن عباس ﵄، وأخرجه أبو داود في الضحايا/ باب في المبالغة في الذبح (٢٨٢٦)، وابن حبان (٥٨٨٨) إحسان، والحاكم (٤/ ١١٣)، وابن عدي (٥/ ١٧٩٤) عن ابن عباس وأبي هريرة ﵃، وضعفه ابن عدي وابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» (٢١٣٣). (٤) أخرجه البخاري في الجهاد والسير/ باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم (٣٠٧٥)، ومسلم في الأضاحي/ باب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم … (١٩٦٨) عن رافع بن خديج ﵁.