تعالى: ﴿أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ [المائدة: ٤٥]، وعموم قوله ﷺ:«لا يحل دم امرئ مسلم إلاّ بإحدى ثلاث: النفس بالنفس»(١)، وعموم قوله ﷺ:«المؤمنون تتكافأ دماؤهم»(٢)، وخصوص قتل النبي ﷺ اليهودي بالمرأة، فإنه ﷺ قتل يهودياً بامرأة، رضَّ اليهودي رأسها بين حجرين، على أوضاح لها، فقيل لها: من قتلك؟ أهو فلان أم فلان؟ حتى ذكر لها اليهودي، فأومأت برأسها أن نعم، فأُتي باليهودي فاعترف، فأمر النبي ﷺ أن يُرضَّ رأسه بين حجرين (٣).
فإن قلت: ألا يحتمل أن النبي ﷺ قتله لنقضه العهد؟ فالجواب: لا؛ لأن النبي ﷺ لو كان قتله لنقضه للعهد لقتله بالسيف، ولكنه قتله قصاصاً؛ لأنه رضَّ رأسه بين حجرين.
فإن قلت: ألا يقال: إن فضل هذا الرجل في الرجولة نَقَصَ لكونه كافراً، والأنثى مسلمةً، وأنه لو كان مسلماً ما قتل بها؟
فالجواب: أنه ما دام قُتِل من باب القصاص، فإنه يقتضي أن العلة هي المقاصة، فمجرّد أنه قتل عمداً فإنه يقتل.
فإن قلت: أليس الذكر أفضل؟
فالجواب: بلى، لكن هذه الفضيلة لم يعتبرها الشرع.
(١) أخرجه البخاري في الديات/ باب قوله تعالى: ﴿النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ﴾ (٦٨٧٨)، ومسلم في القسامة/ باب ما يباح به دم المسلم (٢٥/ ١٦٧٦) عن ابن مسعود ﵁. (٢) تقدم تخريجه ص (٣٩). (٣) أخرجه البخاري في الخصومات/ باب ما يذكر في الأشخاص والخصومة بين المسلم واليهود (٢٤١٣)، ومسلم في القسامة والمحاربين والقصاص والديات/ باب ثبوت القصاص في القتل بالحجر وغيره … (١٦٧٢) عن أنس ـ رضي الله عنه ـ.