احتمال واحتمال، لكن الاحتمال الأخير بالنسبة للفطرة أصح؛ لأنه ثبت في البخاري من حديث أبي سعيد ﵁ قال:«كنا نخرجها صاعاً من طعام وكان طعامنا يومئذٍ التمر والشعير والزبيب والأقط»(١) فهذا صريح أن العلة هي الطعام، وكما قال عبد الله بن عباس ﵄:«فرض النبي ﷺ زكاة الفطر طُهرة للصائم من اللغو والرفث وطُعمة للمساكين»(٢)، لكن نحن الآن في مسألة الخيل، والخيل في عهد النبي ﷺ لا شك أنها آلة عظيمة فعَّالة في الحرب، وهي في الوقت الحاضر ليست كذلك بل يحصل السبق بها كتجارة، فهل نقول: لما فقدت العلة التي من أجلها جاز السبق يجب أن يفقد الحكم، أو نقول: نأخذ بظاهر اللفظ ولا علينا من العلة تخلَّفت أو وُجدت؟ فيه احتمال.
قوله:«وسائر الحيوانات» كالبغل والحمار وغيرهما مما يركب، والبقرة ـ أيضاً ـ تصح المسابقة عليها؛ لأن القول الراجح جواز ركوب ما لا يركب عادة؛ لعموم قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة: ٢٩].
ولكن هل يجوز المسابقة بالحيوان نفسه، بمعنى أن يطلق الرجلان كلبيهما ويتسابقا على ذلك؟
(١) أخرجه البخاري في الزكاة/ باب الصدقة قبل العيد (١٥١٠). (٢) أخرجه أبو داود في الزكاة/ باب زكاة الفطر (١٦٠٩)؛ وابن ماجه في الزكاة/ باب صدقة الفطر (١٨٢٧)؛ والدارقطني (٢/ ١٣٨)؛ والحاكم (١/ ٤٠٩) وقال الحاكم: «صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه» ووافقه الذهبي. وقال الدارقطني: «ليس فيهم مجروح» وحسَّنه في الإرواء (٣/ ٣٣٢).