ثانياً: قول النبي ﷺ: «اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي»(١).
ثالثاً: قول عائشة ﵂: «والله ما أتم الله حج رجل ولا عمرته لم يطف بهما»(٢)، أي: بالصفا والمروة.
فإن قال قائل: كيف تقولون: إن السعي بين الصفا والمروة ركن، وقد قال الله تعالى: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ ونفي الجناح لا يدل على الوجوب، بل يدل على رفع الإثم فقط، فكيف تجعلونه ركناً لا يصح الحج إلا به؟! هذا إيراد وارد.
قلنا: إن قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ يكفي دليلاً في مشروعية السعي حيث جعلهما من شعائر الله، وقد قال الله تعالى: ﴿ومَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ والطواف بهما تعظيم لهما، فيكون قوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ دليلاً على أن من طاف بهما فقد عظم شعائر الله وأنه لا جناح عليه.
وأما قوله: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾، فهذا رفع توهم وقع من بعض الناس حين نزول الآية، وذلك أنه كان على
(١) سبق تخريجه ص (٢٦٩). (٢) أخرجه مسلم في الحج/ باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن … (١٢٧٧).