أقصى عرفة من جهة الشرق، وسيمر بجميع عرفة وهي واسعة، ويمر بالطريق الذي بينها وبين مزدلفة، ثم إنه ﷺ نزل في الشعب شعب المأزمين، وبال وتوضأ وضوءاً خفيفاً، وقال له أسامة: الصلاة يا رسول الله، قال:«الصلاة أمامك»، وهذا يستغرق وقتاً طويلاً، فلهذا كان وصوله إلى مزدلفة بعد دخول صلاة العشاء (١).
فإن قال قائل: هل يسن أن ينزل الإنسان في أثناء الطريق وفي المكان الذي نزل فيه الرسول ﷺ إن كان سار فيه ويبول ويتوضأ وضوءاً خفيفاً أو لا؟
فالجواب: لا؛ لأن هذا وقع اتفاقاً بمقتضى الطبيعة، والظاهر أنه لو احتاج إلى أن يبول في غير هذا المكان لنزل فيه، ولو لم يحتج لم ينزل.
والدليل على هذا: أنه ﷺ لما وصل إلى مزدلفة ووقف صلى المغرب قبل حط الرحال ثم بعد صلاة المغرب حطوا رحالهم، ثم صلوا العشاء (٢)، فهذا دليل على أن رسول الله ﷺ لم ينزل هناك تعبداً ولكن اتفاقاً.
مسألة: لو صلى المغرب والعشاء في الطريق فما الحكم؟
الجواب: ذهب ابن حزم إلى أنه لو صلى في الطريق لم يجزئه لأن النبي ﷺ قال لأسامة: «الصلاة أمامك»(٣).
(١) أخرجه البخاري في الحج/ باب النزول بين عرفة وجمع (١٦٦٩)، ومسلم في الحج/ باب استحباب إدامة الحاج التلبية حتى يشرع في رمي جمرة العقبة (١٢٨٠) عن أسامة بن زيد ﵄. (٢) - (٣) كما في حديث أسامة بن زيد، ص (٣٠٣).