ولو كان موقفه في أدنى عرفة مما يلي مكة لدفع قبل الناس، وهذا من تواضعه ﷺ وحسن سياسته.
وقف هناك وقال:«وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف»(١)، فكأنه ﷺ يشير إلى الأمة ألا تكلف نفسها هذا الموقف الذي وقفه الرسول ﷺ، بل كل إنسان في مكانه؛ لئلا يحصل الزحام والأذى، فيؤذي الناس بعضهم بعضاً.
قوله:«وكلها موقف إلا بطن عرنة»، أي كل عرفة مكان للوقوف، وعرفات معروفة لها حدود معروفة تكلم عليها الأولون، والحكومة السعودية ـ وفقها الله ـ جعلت أعلاماً بعد التحري والضبط لحدودها، وفي السنوات الأخيرة لما كثر مخالفة الناس في الموقف ووقوفهم خارج حدود عرفة، جعلت العلامات واضحة بينة كبيرة.
وقوله:«وكلها موقف إلا بطن عرنة»، دليله أن النبي ﷺ قال:«كل عرفة موقف، وارفعوا عن بطن عرنة»(٢).
(١) أخرجه مسلم في الحج/ باب ما جاء أن عرفة كلها موقف (١٢١٨)، (١٤٩) عن جابر بن عبد الله ﵄. (٢) أخرجه الإمام أحمد (٤/ ٨٢) عن جبير بن مطعم وفي إسناده انقطاع، وأخرجه ابن حبان (٣٨٥٤) إحسانه؛ والبزار (١١٢٦) «كشف الأستار»، وابن عدي (٣/ ١١١٨)؛ والبيهقي (٩/ ٢٩٥) وهو منقطع أيضاً كما في «نصب الراية» (٣/ ٦١). وأخرجه الطبراني في «الكبير» (١٥٨٣) وفيه ضعف كما في «نصب الراية» (٣/ ٦١)، وأخرجه الحاكم (١/ ٤٢٦)؛ والبيهقي (٥/ ١١٥)؛ والطحاوي في «مشكل الآثار» (١١٩٤) عن ابن عباس ﵄ فلعل الحديث يتقوى بهذه الطرق والمتابعات، وانظر: «التلخيص» (١٠٤٨)؛ و «التعليق على صحيح ابن حبان» و «مشكل الآثار» طبعة الرسالة.