سرية له إلى سيف البحر عام الحديبية، فرأى حماراً وحشياً فركب فرسه، فنسي رمحه، وقال لأحد أصحابه: ناولني الرمح، قال: ما أناولك إياه أنا محرم فنزل وأخذه، فضرب الصيد، فجاء به إلى أصحابه فأطعمهم إياه، ولكن صار في قلوبهم شك حتى وصلوا إلى النبي ﷺ، فسألوه فأذن لهم في أكله، مع أنهم حرم (١).
فيجمع بينه وبين حديث الصعب بن جثامة: بأن أبا قتادة ﵁ صاده لنفسه، وأن الصعب ﵁ صاده للنبي ﷺ، وهذا الجمع أولى من النسخ؛ لأن بعض العلماء قال: إن حديث الصعب ناسخ؛ لأنه متأخر، وقد رده الرسول ﷺ، وقال:«إنا حرم».
والصحيح أنه مع إمكان الجمع لا نسخ، والجمع هنا ممكن ويدل له ما أخرجه أهل السنن عن جابر بن عبد الله ﵄ أن النبي ﷺ قال:«صيد البر حلال لكم ما لم تصيدوه أو يصد لكم»(٢).
فإذا قال قائل: أبو قتادة ﵁ معه قومه وصاد الحمار، فكيف يريده لنفسه ولم يصده لقومه؟!
(١) أخرجه البخاري في جزاء الصيد/ باب إذا صاد الحلال فأهدى للمحرم الصيد أكله (١٨٢١)، (١٨٢٢)؛ ومسلم في الحج/ باب تحريم الصيد للمحرم (١١٩٦). (٢) أخرجه أبو داود في المناسك/ باب لحم الصيد للمحرم (١٨٥١)؛ والترمذي في الحج/ باب ما جاء في أكل الصيد للمحرم (٧٧٥)؛ والنسائي في مناسك الحج/ باب إذا أشار المحرم إلى الصيد فقتله الحلال (٥/ ١٨٧)؛ وابن حبان (٣٩٧١)؛ والحاكم (١/ ٤٧٦) عن جابر ﵁ وصححه ابن حبان؛ وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.