له قبة بنمرة فبقي فيها حتى زالت الشمس في عرفة» (١).
فإن قال قائل: التظليل بالشمسية ونحوها، أليس ستراً؟
فالجواب: ليس ستراً؛ لأن الذي يمشي إلى جنبك يرى كل رأسك، والنبي ﷺ«كان بلال وأسامة أحدهما يقود به البعير، والثاني واضع ثوبه على رأسه حتى رمى جمرة العقبة»(٢)، أي: يظلله به، وهذا كالشمسية تماماً.
مسألة: تغطية الرأس خاص بالرجال، أما حلق الرأس، وتقليم الأظافر فهو عام للرجال والنساء.
وظاهر كلام المؤلف ﵀: أن تغطية الوجه ليست حراماً؛ ولا محظوراً، لأنه قال:«فمن غطى رأسه» ولم يتعرض للوجه، وإذا لم يتعرض له فالأصل الحل، وعلى هذا فتغطية المحرم وجهه لا بأس بها، وهذه محل خلاف بين العلماء، فمنهم من قال: لا يجوز للمحرم الرجل أن يغطي وجهه، بناء على صحة اللفظة الواردة في حديث ابن عباس ﵄ في قصة الرجل الذي وقصته ناقته:«ولا وجهه»، ففي الصحيحين أن النبي ﷺ قال:«لا تخمروا رأسه»(٣) فقط.
وروى مسلم أنه قال:«ولا وجهه»(٤)، فاختلف العلماء في
(١) سبق تخريجه ص (٧٦) من حديث جابر ﵁. (٢) أخرجه مسلم في الحج/ باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر (١٢٩٨) عن أم الحصين ﵂. (٣) سبق تخريجه ص (٧٢). (٤) في الحج/ باب ما يفعله المحرم إذا مات (١٢٠٦) (٩٨)؛ وأخرجه الإمام أحمد (١/ ٢٨٧)؛ والنسائي في المناسك/ باب في كم يكفن المحرم إذا مات (٥/ ١٩٦)؛ وابن ماجه في المناسك/ باب المحرم يموت (٣٠٨٤)؛ وابن حبان (٣٩٦٠) إحسان، والبيهقي (٣/ ٣٩٢ ـ ٢٩٣). وقال البيهقي: «وذكر الوجه فيه غريب … ورواية الجماعة الذي لم يشكوا، وساقوا المتن أحسن سياقة أولى بأن تكون محفوظة». وتعقبه ابن التركماني في «الجوهر النقي» (٣/ ٣٩١) بقوله: «قلت: قد صح النهي عن تغطيتهما، فجمعهما بعضهم، وأفرد بعضهم الرأس، وبعضهم الوجه، والكل صحيح، ولا وهم في شيء منه في متنه، وهذا أولى من تغليط مسلم»، انظر: نصب الراية (٣/ ٢٨) والتلخيص (١٠٨١).