وقول المؤلف:«وعمرته من الحل»، هذا الذي عليه جمهور أهل العلم أن من كان في مكة، وأراد العمرة، فإنه يحرم من الحل.
ودليل هذا أن الرسول ﷺ لما طلبت منه عائشة ﵂ أن تعتمر أمر أخاها عبد الرحمن ﵁ وقال:«اخرج بأختك من الحرم، فلتهل بعمرة من الحل»(١)، فدل ذلك على أن الحرم ليس ميقاتاً للعمرة، ولو كان ميقاتاً للعمرة، لم يأمر النبي ﷺ عبد الرحمن بن أبي بكر ﵄ أن يخرج بأخته، ويتجشم المصاعب في تلك الليلة لتحرم من الحل؛ لأنه من المعلوم أن الرسول ﷺ يتبع ما هو أسهل ما لم يمنعه منه الشرع، فلو كان من الجائز أن يحرم بالعمرة من الحرم لقال لها: أحرمي من مكانك.
فإن قال قائل: ماذا تقولون في قول النبي ﷺ: «يهل أهل المدينة من ذي الحليفة»(٢)، ثم ذكر المواقيت وقال:«من كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة»(٣)، مع أنه قال في الحديث:«ممن أراد الحج أو العمرة»(٤)، فظاهر العموم أن العمرة لأهل مكة تكون من مكة؟
(١) أخرجه البخاري في الحج/ باب قوله تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ (١٥٦٠)؛ ومسلم في الحج/ باب بيان وجوه الإحرام (١٢١١) (١١٢) عن عائشة ﵂. (٢) أخرجه البخاري في الحج/ باب ميقات أهل المدينة (١٥٢٥)؛ ومسلم في الحج/ باب مواقيت الحج (١١٨٢) عن ابن عمر ﵄. (٣) سبق تخريجه ص (٤٧). (٤) سبق تخريجه ص (٤٧).