الإنسان إذا أنفق على أهله فهي صدقة (١) بل لو أنفق على نفسه فهي صدقة، وحينئذ نقول: إنك في الواقع لم تخرج عن مسمى المتصدق إذا أنفقت على أهلك ونفسك؛ لأن النبي ﷺ جعل الإنفاق على الأهل من الصدقة، بل الإنفاق على الأهل واجب تثاب عليه أكثر من الثواب على الصدقة على بعيد.
وقوله:«بما ينقُصُها».
إن قال قائل: كيف تؤثمون من ينقصها، وقد أقر النبي ﷺ أبا بكر ﵁ حينما تصدق بجميع ماله (٢)؟ وكيف تؤثمونه، والله تعالى امتدح الذين يؤثرون على أنفسهم، ولو كان بهم خصاصة؟ وكيف تقولون ذلك وقد قال النبي ﷺ للأنصاري الذي قدم الضيف على نفسه وأهله قال:«إن الله عجب من صنيعكما بضيفكما البارحة»(٣) والقصة مشهورة؟
فهذه الأدلة وغيرها تدل على أنه لا يأثم الإنسان بما ينقص مؤونة نفسه وعياله.
فالجواب على ذلك أن يقال:
(١) لحديث أبي مسعود البدري ﵁ أن النبي ﷺ قال: «إذا أنفق الرجل على أهله نفقة يحتسبها فهي صدقة». أخرجه البخاري في الإيمان/ باب ما جاء أن الأعمال بالنية والحسبة (٥٥)؛ ومسلم في الزكاة/ باب فضل النفقة والصدقة … (١٠٠٢). (٢) أخرجه أبو داود في الزكاة/ باب الرخصة في ذلك (١٦٧٨)؛ والترمذي في المناقب/ باب رجاؤه ﷺ أن يكون أبو بكر ممن يدعى … (٣٦٧٥) عن عمر بن الخطاب ﵁ وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. (٣) أخرجه البخاري في مناقب الأنصار/ باب قول الله ﷿ ﴿ويؤثرون … ﴾ (٣٧٩٨)؛ ومسلم في الأشربة/ باب إكرام الضيف وفضل إيثاره (٢٠٥٤) عن أبي هريرة ﵁.