وأفادنا قوله:«وفي كل ثمر يكال ويدخر» أنه إن كان الثمر يدخر ولا يكال فلا زكاة فيه، وإن كان يكال ولا يدخر، فلا زكاة فيه؛ لأن المؤلف ذكر شرطين: أن يكال، وأن يدخر، وفي هذه المسألة عدة أقوال هذا أحدها:
والمراد بالادخار: أن عامة الناس يدخرونه؛ لأن من الناس من لا يدخر التمر، بل يأكله رُطَبَاً، وكذلك العنب قد يؤكل رطباً، لكن العبرة بما عليه عامة الناس في هذا النوع.
القول الثاني: أنها لا تجب إلا في أربعة أشياء: في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، فقط لحديث ورد في ذلك، ولو صح هذا الحديث لكان فاصلاً في النزاع لكنه ضعيف (١). وهذا القول رواية عن أحمد.
القول الثالث: أنها تجب في كل ما يخرج من الأرض مما يزرعه الآدمي من فواكه وغير فواكه، واستدلوا بعموم قول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ﴾ [البقرة: ٢٦٧]، وبقوله ﷺ:«فيما سقت السماء العشر»(٢).
القول الرابع: أنها لا تجب إلا فيما هو قوت يدخر سواء يكال أو لا يكال، وقال به شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀.
(١) حديث أبي موسى الأشعري ومعاذ بن جبل ﵄ أن النبي ﷺ قال لهما: «لا تأخذا في الصدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة: الشعير، والحنطة، والزبيب، والتمر». أخرجه ابن أبي شيبة (٣/ ١٣٨)؛ والحاكم (١/ ٤٠١)؛ والدارقطني (٢/ ٩٦)؛ والبيهقي (٤/ ١٢٨، ١٢٩). (٢) سبق تخريجه ص (٦٧).