القبر، وكلا الحديثين ضعيف، لكن يشهد له ما أخرجه الحاكم والبيهقي عن أبي قتادة ﵁ أن البراء بن معرور أوصى عند موته أن يستقبل به القبلة فبلغ ذلك النبي ﷺ فقال:«أصاب الفطرة»(١). فهذا يشهد للحديثين السابقين، وإلا فإن الذي يظهر من عمل النبي ﵊ والصحابة أنهم لا يتقصدون أن يوجّه المحتضَر إلى القبلة، ومن ذلك ما حصل للنبي ﷺ عند موته حيث مات في حجر عائشة، ولم يُذْكر أنها استقبلت به القبلة (٢)، وإنما هذه الأحاديث، وإن كانت ضعيفة فربما تصل إلى درجة الحسن فتكون مقبولة.
قوله:«فإذا مات سنّ تغميضه»، كل ما تقدم من الكلام محله قبل الموت، فإذا مات فإنه تشرع في حق الميت أمور:
أولها: تغميض الميت، أي: إذا تحققنا موته، والإِنسان إذا مات شخص بصره، أي: انفتح يتبع روحه أين تذهب، فإذا مات فإنه سوف يشخص بصره، فيسنّ تغميضه، ولذلك دليلان: أثري، ونظري.
أما الأثري: ففعل النبي ﷺ بأبي سلمة، «فإنه لما دخل على أبي سلمة ورأى بصره قد شخص قال: إن الروح إذا قبض اتبعه البصر، فسمعه من في البيت فضجوا»، أي: علموا أن الرجل قد مات، «فقال النبي ﷺ: لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن
(١) أخرجه الحاكم (١/ ٣٥٣)؛ والبيهقي (٣/ ٣٨٤) عن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. (٢) أخرجه البخاري (٤٤٤٠)؛ ومسلم (٢٤٤٤) عن عائشة ﵂.