عهد الرسول ﵊، فلماذا لم يفعله؟ فترك النبي ﷺ الشيء مع وجود سببه يكون تركه سنّة، والتعبُّد به غير مشروع.
فقد كان الرسول ﷺ يأتي إلى الجمعة ولا يخالف الطريق، وكان يزور أصحابه ويعود المرضى ولا يخالف الطريق، وكان يأتي إلى الصلوات الخمس ولا يخالف الطريق.
فإن قالوا: ورد عنه أنه خالف الطريق في الحج دخل مكة من أعلاها، وخرج من أسفلها (١)، وفي عرفة ذهب من طريق، ورجع من طريق آخر (٢)؟
فالجواب: أن نقف على ما جاءت به السنّة، فالحج نخالف فيه الطريق؛ لأنه وردت به السنّة، على أن بعض العلماء قال: إن مخالفات الطريق في الحج غير مقصودة، بل لكون ذلك أسهل لخروج النبي ﷺ ودخوله، كما قالوا في نزول المحصَّب، والمحصَّب حسب وصف الناس أنه في المكان الذي فيه الآن قصر الملك فيصل في مكة، فنزل ﷺ في المحصب ليلة أربعة عشر، وفي آخر الليل أمر بالرحيل فارتحل، ونزل إلى المسجد الحرام وطاف طواف الوداع، وصلى الفجر وقرأ بالطور، ثم انصرف ﷺ إلى المدينة.
وهذا النزول قال بعض العلماء: إنه سنّة.
(١) أخرجه البخاري (١٥٣٣)؛ ومسلم (١٢٥٧) عن ابن عمر ﵄. (٢) أخرجه الإمام أحمد (١/ ١٣١) عن ابن عمر ﵄.