لم يبيِّن المؤلِّف ﵀ هاتين التَّسبيحتين، لكنه بيّنهما فيما سَبَقَ (١)، حيث ذَكَرَ أنه يقول في الرُّكوع:«سبحان رَبِّي العظيم»، وفي السُّجود:«سبحان رَبِّي الأعلى». إذاً؛ فقول المصلِّي في ركوعه:«سبحان رَبِّي العظيم» واجب، وفي سجوده:«سبحان رَبِّي الأعلى» واجب.
والدليل على هذا: أنه: لما نَزَلَ قول الله تعالى: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ *﴾ [الواقعة] قال النبيُّ ﷺ: «اجعلوها في ركوعكم»(٢) وهذا بيانٌ مِن النبيِّ ﷺ لموضع هذا التسبيح، ومِن المعلوم أن بيان الرسول ﷺ للقرآن يجب علينا أن نَرْجِعَ إليه؛ لأن أعلم الخَلْقِ بكلام الله هو رسول الله، ولهذا كان تفسير القرآن بالسُّنَّة هو المرتبة الثانية، فالقرآن نُفسِّرُه أولاً بالقرآن مثل: ﴿الْقَارِعَةُ *مَا الْقَارِعَةُ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ *يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ *﴾ ويُفسَّر بعد ذلك بسُنَّة رسول الله؛ لأنها تبيِّنه مثل هذه الآية: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ *﴾ [الواقعة] حيث قال النبيُّ ﷺ: «اجعلوها في ركوعكم».
وهذا بيان لموضع هذا التَّسبيح وقد يُبيِّنُ النبيُّ ﷺ المعنى، مثل قوله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦]
(١) انظر: ص (٩١، ١٢٣). (٢) أخرجه الإمام أحمد (٤/ ١٥٥)؛ وأبو داود، كتاب الصلاة، باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده (٨٦٩)؛ وابن ماجه في إقامة الصلاة، باب التسبيح في الركوع والسجود (٨٨٧)؛ والحاكم (٢/ ٤٧٧) وصححه ووافقه الذهبي.