للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاستئجار عليه فلا يجوز.

قال عمر : «لا ينبغي لقاضي المسلمين أن يأخذ على القضاء أجراً» (١)، وهذا مذهب الشافعي، ولا نعلم فيه خلافاً.

فإن لم يكن للقاضي رزق فقال للخصمين: لا أقضي بينكما حتى تجعلا لي رزقاً، جاز، ويحتمل أن لا يجوز (٢).

قلت: وقد تقدم هذا من كلام أصحابنا (٣)، والكلام عليه فرع من كلام ابن حزم، قال في «المحلى» في «كتاب الهبات»: ولا تحل الرشوة، وهي ما أعطاه المرء؛ ليحكم له بباطل، أو ليولى ولاية، أو ليظلم له [إنساناً] (٤)، فيأثم المعطي والآخذ، ومن منع حقّه فأعطى ليدفع عن نفسه الظلم فيباح للمعطي، ويأثم الآخذ، والمال باقٍ على ملك المعطي، ومن جملة هذا ما أعطيه أهل دار كُفْرٍ في فداء الأسرى، وفي كل ضرورة.

وكلُّ هذا مُتَّفَقٌ عليه، إلاَّ مُلْك أهل دار الكفر ما أخذوه في فداء الأسير وغيره، فإن قوماً قالوا: قد ملكوه، وهذا باطل؛ لأنه لم يأت به قرآن ولا سُنَّة، وقولنا في هذا هو قول الشافعي وأبي سليمان.

فإن قيل (٥): لِمَ أبحتم عطاء المال في دفع الظلم، وقد روى أبو هريرة


= والأقضية. المصنف ٦/ ٥٠٥.
(١) سبق تخريجه.
(٢) ينظر: المغني، ١٤/ ٩، ١٠. إلى هنا انتهى كلام ابن قدامة الذي مبتدأه بداية هذا الفصل، والله أعلم.
(٣) سبق بالتفصيل في الفصل الثاني فليرجع إليه.
(٤) على الصواب، منصوباً على المفعولية، موافقة لقواعد النحو، وللمصدر الذي نقل عنه المصنف - - وهو كتاب المحلى لابن حزم، والله أعلم.
(٥) من كلام ابن حزم.

<<  <   >  >>