للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إقامة الشهادة التي قد تحملها، أو سلطان من إيصال حق إلى [مستحقه] (١) حتى يأخذ منه شيئًا، فهذا حرام محض، ورشوة؛ لأنه منصوب لهذا الفرض (٢)، والقيام به.

وكذلك لو امتنع فقيه من أن يُفتي إلَّا بشيء يأخذه، وليس هناك غيره، فحرام ذلك عليه؛ لأن فرض الفتيا قد تعين عليه.

وكذلك قوم لقوا عدوا وطلبوا أموالهم وحريمهم، فامتنعوا من قتالهم ودفعهم إلا بشيء يأخذونه، فحرام؛ لأن الفرض قد تعين عليهم، فإن كان هناك [فقيه] (٣) غيره، وطائفة غيرهم يقاتل هذا العدو، جاز لذلك الواحد الامتناع من الفتيا حتى يأخذ عليه جُعلا؛ لأن الفرض لم يتعين على هذا الواحد الممتنع.

وكذلك لو رضي رجلان برجل من الرَّعِيَّة يحكم بينهما في خصومة بينهما، ولم يكن ذلك الرجل حاكمًا منصوبًا للحكم بين الناس، ولا سلطانا، جاز له أن يأخذ الجعل عليه.

[الفرق بين الهدية إلى القاضي والهدية إلى السلطان]

والفرق بينه وبين الحاكم المنصوب للناس: أن الحاكم قد نصب للقيام بهذا الفرض، وهذا الذي اختاراه لم يلتزم الحكم، ولا الحكم بينهما مفروض عليه، ولو قال قائل: قد تعيّن الفرض على هذا الفقيه المقصود بالسؤال، وعلى هذه الطائفة التي حضرت العدو وإن كان هناك غيرهم ممن فيه كفاية، فلا يجوز لهم الامتناع، ولا أَخْذُ الجُعل عليه كان مذهبًا محتملا، والله أعلم.


(١) في الأصل: (حقه)، وما أثبته هو الصواب. والله أعلم.
(٢) كذا في الأصل، ويحتمل أن تكون (الغرض) وكلاهما يؤدي المعنى الذي أراده المصنف. والله أعلم.
(٣) في الأصل: (فقيهاً)، وصوابه: (فقية) بالرفع اسم لكان.

<<  <   >  >>