[الفصل الخامس فيما قاله أصحابنا في قبول هدايا المشركين]
قال الخطابي في قوله ﷺ لعياض: إنَّا لا نقبل زبد المشركين (١): يشبه أن يكون هذا الحديث منسوخا؛ لأنه قد قبل هدية غير واحد من المشركين، أهدى له المقوقس وأكيدر دومة (٢)، فقبل منهما.
وقيل: إنما رد هديته؛ ليغيظه بردَّها، فيحمله ذلك على الإسلام، وقيل: ردُّها؛ لأن للهدية موضعاً من القلب، ولا يجوز عليه أن يميل بقلبه إلى مشرك، فردَّها قطعاً لسبب الميل.
وقيل: ليس ذلك مناقضا لقبوله هدية النجاشي والمقوقس وأكيدر؛ لأنهم أهل كتاب (٣)، وعياض المجاشعي لم يكن من أهل الكتاب.
فأما قبوله من كسرى وليس هو من أهل الكتاب؛ فالحديث فيه مقال (٤).
(١) سبق تخريجه. (٢) دومة: هي دومة الجندل، قال أبو عبيد السكوني: دومة الجندل حصن وقرى بين الشام والمدينة قرب جبلي طيء. ينظر: معجم البلدان ٢/ ٤٨٧. وأكيدر هو ملكها واسمه أكيدر بن عبد الملك بن عبد الحي الكندي. (٣) ينظر: بمعناه (أعلام الحديث ٢/ ١٠٩٢، معالم السنن ٣/ ٤١)، وبنصه الذي نقله المصنف هنا عند ابن الأثير في (النهاية ٢/ ٢٩٣). (٤) أخرجه أحمد في مسنده (٧٤٧) ٢/ ١٤٤، والترمذي في سننه (١٥٧٦) باب ما جاء في قبول هدايا المشركين ٤/ ١٤٠، وقال الترمذي: «حديث حسن غريب». اهـ. قال الألباني في ضعيف سنن الترمذي ١٨٥: «ضعيف جدا؛ فيه ثوير ابن أبي فاختة».