للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإمَّا إلى مُضاعفة الأجرة فيما يستحق للأجرة فيه من الكتابة ونحوها، فيعمُّ ضرره لجميع الخلق، هذا إن احترز عن التعرض لأموال الأيتام والأوقاف.

الخامس: أن هذا الفعل لم يعهد في زمن الخلفاء الراشدين، ولا من بعدهم، ولا من بعدهم، بل هو من الأمور المنكرة المعلومِ قُبحها من [الدين] (١) بالضرورة؛ ولهذا إذا اتفق الأخذُ من بعض الفَجَرةِ تَجِدُه يتكتم ذلك ويُخفيه، وما ذاك إلا لمعرفته ومعرفة كلّ أحدٍ بقُبحه، والشيء الجائز يتظاهر به صاحبه، ولا حرج عليه.

ولا حاجة إلى الإكثار في ذلك، فإنه لا يشك فيه إِلَّا مَنْ أضلَّهُ الله، وأين هذا من الهدية التي هي وصلة إلى توادد المؤمنين وتراحمهم وتعاطفهم؟ تلك توصل إلى رضا الله، والرشوة وما يؤخذ على الولايات توصل إلى غضب الله.

وهذا الذي نقوله ليس خاصًا بالقاضي، بل هو في الإمام فمن دونه من كلّ من تقلد أمور المسلمين، ولكنَّ القاضي يُلام على ذلك أكثر مما يلام غيره؛ لأنه نائب الشرع، ونُوَّابُ الشخص (٢) إذا لم يسيروا بسيرته استحقوا النكال.

[نصيحة للقاضي وموعظته في ذلك]

فلينظر القاضي المسكينُ المُشفِقُ على دينه إلى سيرته وسيرة النبي وموعظته في والخلفاء الراشدين بعده في أحكامهم وأفعالهم، فإن وجد سيرته قريبةً من ذلك، ذلك فبالحري أن ينجو، وليسأل الله في تقصيره، وإن وجد سيرته مخالفةً لسيرتهم فليعلم أنه كما عدل عن طريقهم في الدنيا، كذلك يعدل عنها في الآخرة.


(١) بياض في الأصل، ومقتضى السياق يدل على ما أثبته. والله أعلم.
(٢) كذا في الأصل، وسياق الكلام لا يسند الكلمة التي في الأصل (الشخص)، ولعل الصواب والله أعلم - الشرع، أو صاحب الشرع.

<<  <   >  >>