للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليهم من فيهم خيرٌ منه؛ فقد خان الله ورسوله والمؤمنين (١).

فهذا الذي يبذل في النيابة إن لم يكن بهذه الصفة تحرُم توليته، وإن كان بهذه الصفة وجبت توليته، فلا يخرج عن هذين.

الثاني: أنا لو سلَّمنا جواز توليته وتركها، فإذا أخذ منه الرشوة فربما بدا ما يُوجِبُ عزله فيحابيه لأجل رشوته فيتركه.

الثالث: أن النائب مُوَلَّى على قوم وهم كالخصماء له، يجب على المستنيب في كل وقت أن يتفقد أخباره معهم، وسيرته فيهم، إن عدل استمر به، وإلا صرفه، ولا يُحوجهم إلى شكوى، وكأنَّ النائب [منزل] (٢) منزلة من له خصومة، وقد أجمعنا على أنَّ مَنْ له خصومة فقبول هديته حرام، فهذا كذلك وأولى؛ لأن خصماء هذا لا ينحصرون، وقد يكون فيهم من هو طفل.

الرابع: أن النائب إذا أعطى الرشوة في الغالب يقصد أن يأخذ مثلها من أهل عمله، فيحتاج إما إلى الأخذ على ما لا يجوز من الحكم ونحوه، كما سبق،


(١) أخرجه البيهقي (٢٠١٥١) كتاب آداب القاضي ١٠/ ١١٨، باب لا يولي الوالي امرأة ولا فاسقا ولا جاهلا أمر القضاء، بلفظ: «من استعمل عاملا من المسلمين وهو يعلم أن فيهم أولى بذلك منه وأعلم بكتاب الله وسنة نبيه فقد خان الله ورسوله وجميع المسلمين». ورواه الطبراني (١١٢١٦) ١١/ ١١٤، بلفظ: «من أعان بباطل ليدحض بباطله حقًا فقد برئ من ذمة الله وذمة رسوله، ومن مشى إلى سلطان الله ليذله أذله الله مع ما يدخر له من الخزي يوم القيامة، سلطان الله كتاب الله وسنة نبيه، ومن تولى من أمراء المسلمين شيئًا فاستعمل عليهم رجلًا وهو يعلم أن فيهم من هو أولى بذلك وأعلم منه بكتاب الله وسنة رسوله، فقد خان الله ورسوله وجميع المؤمنين، ومن ترك حوائج الناس لم ينظر الله في حاجته حتى يقضي حوائجهم ويؤدي إليهم بحقهم، ومن أكل درهم ربا فهو ثلاث وثلاثين زنيةً، ومن نبت لحمه من سحت فالنار أولى به»، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ٥/ ١١٢: «رواه الطبراني، وفيه أبو محمد الجزري حمزة ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح».
(٢) في الأصل: (منزلًا)، وصوابه: (منزل) بالرفع خبر لكأن. والله أعلم.

<<  <   >  >>