للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بخلاف الذي يعطي عالماً مالاً؛ ليعلمه مسألة فهذه هي التي ظهر اختلاف العلماء فيها لعود الغرض فيها إلى الباذل، وإن اشترك هذان القسمان في الأخذ على ما هو واجب، وللعلماء اختلاف فيه، ولكن المرتبتان مختلفتان، والخلاف في الثانية أظهر منه في الأولى.

وأما الأرزاق بجميع وجوهه (١) فلا خلاف فيه، إلا ما أشرنا إليه بالنسبة إلى غرض الآخذ له.

[اعتذار المؤلف عن الإطالة في الكلام على الفرق بين الهدية والرشوة]

وقد أطلنا في هذا، وكان القصد تحقيق الفرق بين الهدية والرشوة فقط، ولكن اتسع الكلام فلنقتصر على هذا القدر، ونذكر بعده ما وقفنا عليه من كلام العلماء في الفرق بينهما.

قال القاضي ابن كج فيما حكاه الرافعي عنه: العطية للحكام إن كانت على أن يحكم بغير الحق، أو يقف عن الحكم بالحق فهي الرشوة، وإن كانت مطلقة فهي الهدية (٢). انتهى.

[تعقب على قول القاضي ابن كج]

وفيه قصور؛ فإنه لم يذكر التي تعطى على أن يحكم بالحق، وهي رشوة على ما قررناه بعموم الحديث، بل هي أحق باسم الرشوة كما قدمنا.

ويدل عليه ما حكيناه عن أبي علي الطبري، عن الشافعي، أنه إذا أهدي له على دفع باطل أو إيصال إلى حق فهو محرَّم، فيُحمل كلام ابن كج على أنه ذكر أعلى مراتب الرشوة، وذكر أحد القسمين، واكتفى به عن الآخر، أو على أن الحكم بالحق يجعل [حكماً] (٣) بغير حق، فيدخل القسمان في كلامه.


(١) كذا في الأصل، ولعل الأظهر (وجوهها) ويحتمل أن يكون (الارتزاق) بدلاً من (الأرزاق) فيكون الكلام مستقيماً كما هو، والله أعلم.
(٢) ينظر: العزيز شرح الوجيز ١٢/ ٤٦٨.
(٣) في الأصل: (حكم)، وصوابه: (حكماً)؛ لأنه مفعول به، والله أعلم.

<<  <   >  >>