معتمدا عليهما، وفي مَشْيِه تمايل من الضعف، و يتهادى في مشيه؛ أي: يتمايل، فالكلمة كلها راجعة إلى هذا المعنى.
ولما كانت العطية تُمِيلُ [قلب](١) مَنْ يُعطَى له إلى من يعطيها، سُمِّيت هدية لذلك، ومنه الحديث:(تَهَادُوا تَحَابُّوا)(٢)، فَجَعَلَ التهادي سببًا في التحابب، والهدية سبباً في المحبة، والمحبة ميل القلب، والتحابب والتوادد. واستمالة القلوب محبوب في الشرع بهذا الحديث وبغيره؛ فلهذا استُحِبَّت الهدية لما يترتب عليها من الأمر المطلوب شرعاً، وهو التوادد الذي به يحصل التعاون على مصالح الدنيا والآخرة، ويكون عباد الله إخوانا كما أمرهم نبيهم ﷺ.
فإن خطر ببالك سؤالٌ يَرِدُ على هذا، فستجده في آخر الكلام إن شاء الله تعالى.
[تعريف الرشوة]
وأما الرشوة؛ فهي بكسر الراء وضمها، وجمعُها: رشاء، بكسر الراء وضمها أيضاً، فهي راجعة إلى معنى التوصل، ومنه: الرشاء، بالمد وكسر الراء،
(١) في الأصل: (قلت)، والصواب (قلب)؛ لدلالة السياق عليه من غير إشكال. والله أعلم. (٢) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (٥٩٤)، ص ٢٠٨، والدولابي في الكنى (٨٤٢)، ٢/ ٤٦٦، (١١٥٤)، ٢/ ٦٤٨، وتمام في الفوائد (٢٥٧٧)، (٢/ ٢٢٠)، وابن عدي في الكامل ٥/ ١٦٥، وكذا البيهقي في السنن الكبرى ٦/ ١٦٩، من طرق عن ضمام بن إسماعيل قال: سمعت موسى بن وردان عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ ـ قال: فذكره، وهذا إسناده حسن كما قال الحافظ ابن حجر في التلخيص ٣/ ١٥٢، والألباني في الإرواء ٦/ ٤٤. وروى مالك في الموطأ (٣٣٩٨) ٥/ ١٣٣٤، عن عطاء الخرساني رفعه: «تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء»، قال الألباني في الإرواء ٦/ ٤٦: «وهذا مرسل ضعيف»، وفي الأوسط للطبراني (٧٢٤٠) ٧/ ١٩٠، من طريق عائشة رَفَعَه: «تهادوا تحابوا، وهاجروا تورثوا أولادكم مجدًا، وأقيلوا الكرام عثراتهم»، قال الحافظ ابن حجر في التلخيص ٣/ ١٥٣: «وفي إسناده نظر»، وقال الألباني في الإرواء ٦/ ٤٥: «وهذا إسناده ضعيف جدا».