للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن كان جاهه ولاية، ولم يقصد حكما منه، وإنما قصد استمالة قلبه عسى أن ينتفع به في مهماته، وينال بصحبته خيرًا، فهذا محل التودد، يحتمل أن يقال: إنه هدية؛ لكونه ليس له غرض خاص، ويحتمل أن يقال: هو رشوة؛ لكون المهدى إليه في مَظنَّة الحكم.

فاستدل الغزالي بحديث ابن اللتبيَّة (١) على التحريم، ويكون هذا وإن كان القصد استمالة القلب من غير قصد خاص خرج من قسم الهدية، ودخل في قسم الرشوة بالحديث.

[تعقيب المؤلف على استدلال الغزالي]

والذي أقوله: إن هذا قسم متوسط بين الهدية والرشوة صورة حكمًا، و [و] (٢)، وأن حكمه أن يجوز القبول ويوضع في بيت المال، وحكم ما سواه من الهدايا يؤخذ ويتملكه المهدى له، وحكم الرشوة أن لا تؤخذ، بل تُرَدُّ إلى صاحبها.

وإنما صار حكم القسم المتوسط هكذا بالحديث رشوة، أنه بالنسبة إلى صورته جاز الأخذ لأغراض المعطى عنه، وعدم تعلق قصده بعوض خاص، وبالنسبة إلى معناه، وأن المعطى له نائب عن المسلمين جعلت للمسلمين إن كان واليا عاما أو قاضياً، وإن كان عامل صدقة جعلت في الصدقات الذي هو نائب عن أصحابها.

فإن قلت: فإذا كان المهدى إليه غير حاكم.

قلت: إن كان نائبه، أو حاجبه، أو من ندبه وولاه إيصال الأمور وما أشبه ذلك، فهو مثله.


(١) سبق تخريجه.
(٢) هذه زيادة يقتضيها المقام ليستقيم بها السياق؛ إذ واضح أن ثمة سقطا تقديره ما أثبته. والله أعلم.

<<  <   >  >>