ووسع القول فيها، ومن هؤلاء العلامة المتفنن تقي الدين علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام السبكي (ت ٧٥٦ هـ)، حيث ألف رسالة وسمها بـ:(فصل المقال في هدايا العمال) بين فيها حدود هذه المسألة وصورها، ووسع القول في بيان أحكامها وذكر الأدلة عليها.
وقد يسر الله ـ بحوله وقوته ـ أن حصلت على نسخة وحيدة نفيسة لهذه الرسالة، فقرأتها، وفحصتها، وتحققتها، ووجدتها سفرًا من أسفار الفقه العظيمة، وعُمدةً في بابها، ففرحت بذلك جدًّا، وسارعت باقتناء المخطوطة، وإعداد خطة بحثية لتحقيقها؛ ليكون هذا الكتاب موضوعًا للحصول على درجة الماجستير في الفقه المقارن من المعهد العالي للقضاء (١)، وها أنا بحمد الله اليوم: أطوي مدة زمنية متواصلة قاربت السنة ونصفها، قضيتها في تحقيق هذا السفر الفريد، لأقدمه إلى ثلة من العلماء الفاحصين لتقويمه وتصويبه، وبعد ذلك إلى طبعه ونشره؛ لأشبع به نهم العلماء العارفين، والقضاة العادلين، وطلاب العلم المثابرين، ويأخذ هذا الكتاب موقعه في المكتبة الإسلامية بعد أن كان غائبًا عنها دهرا من الزمان.
[أهمية الموضوع وأسباب اختياره]
١ - جلالة مؤلف هذا الكتاب ومكانته العلمية، حيث إنه أحد المحققين الكبار، والأعلام البارزين في المذهب الشافعي، وهو من الذين اتسمت مؤلفاته
(١) عند إعداد الكتاب للطباعة تم تقليص عدد صفحات الرسالة إلى ثلثي حجمها، وذلك باختصار ترجمة السبكي، وحذف الفهارس العلمية المساندة لفهرس الموضوعات، وحذف تراجم أكثر الأعلام الذين ورد ذكرهم في النص لا سيما رجال الأسانيد، مع اختصار تخريج الأحاديث، وحذف التعريف بكثير من المصطلحات إلى غير ذلك.