الْحَدِيثُ التَّاسِعُ: حديث معاذ في بعثه إلى اليمن، رواه ابن سعد عن محمد بن عمر، قال: ثنا عيسى بن النعمان، عن معاذ بن رفاعة، عن جابر بن عبد الله، قال: «كان معاذ بن جبل من أحسن الناس وجها، وأحسنه خلقا، وأسمحه كفا، فادانَ فلزمه غرماؤه حتى استأدى غرماؤه رسول الله ﷺ، فقالوا: يا رسول الله، خُذْ لنا حقنا منه، فقال رسول الله ﷺ: رَحِمَ الله من تصدَّقَ عليه، فتصدَّقَ عليه ناس، فقالوا: يا رسول الله، خُذْ حقنا منه، فقال رسول الله ﷺ: اصبر لهم يا معاذ، قال: فخلعه رسول الله ﷺ من ماله فدفعه إلى غرمائه، فأصابهم خمسة أسباع حقوقهم، قالوا: يا رسول الله، بعه لنا، قال: خلوا عنه، فليس لكم إليه سبيل، ثم دعاه فبعثه إلى اليمن، وقال: لعل الله يُجبرك، ويؤدي عنك دَيْنَك، فخرج معاذ إلى اليمن، فلم يزل بها حتى توفي رسول الله ﷺ فوافى السنة التي حج فيها عمر بن الخطاب، فالتقيا [٩/ ب] يوم التروية، وعزَّى كلُّ واحد منهما صاحبه برسول الله ﷺ، فرأى عمر عند معاذ غلمانا، قال: ما هؤلاء؟ قال: أصبتهم في وجهي هذا، قال عمر: من أي وجه؟ قال: أُهدوا إليَّ وأكرمت بهم، فقال عمر: اذكرهم لأبي بكر، فقال معاذ: ما ذكري [هذا](١) لأبي بكر ونام معاذ، فرأى كأنه على شفير النار، وعمرُ آخِذٌ بِحُجْزَتِه من ورائه أن يقع في النار، ففزع معاذ فذكره لأبي بكر، فسوغه أبو بكر [ذلك](٢) وقضى بقية غرمائه، وقال: إني سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لعل الله يجبرك»» (٣).
وقال ابن عبد البر: «بعثه رسول الله ﷺ قاضياً إلى الجند من اليمن يُعَلِّمُ الناس القرآن وشرائع الإسلام، ويقضي بينهم، وجعل إليه قبض الصدقات من
(١) ما بين المعكوفتين سقط من الأصل، وما أثبته هو الموافق للمصادر الحديثية. والله أعلم. (٢) ما بين المعكوفتين سقط من الأصل، وما أثبته هو الموافق للمصادر الحديثية. والله أعلم. (٣) أخرجه ابن سعد في الطبقات ٣/ ٤٤٠، ٤٤١.