للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير صحيح، فإن قبول الهدية من مُشرِكِ ليس في طاعته، ولا يجري عليه حكمه إن كان الكافر المهدي في حال مَنَعَةٍ وقوة فأهدى إلى الخليفة أو الأمير.

قال سحنون: لا بأس أن يقبلها وهي له خاصة، وليس عليه أن يكافئه، وقال الأوزاعي: يكافئه من بيت المال، وهي للمسلمين، وقال (١): إن كان الروم في ضعفٍ والمسلمون مُشرفون عليهم فقصدوا إبطال عزمهم؛ فهذه رشوة لا يحل قبولها، وقاله ابن القاسم.

بخلاف أن يُهدِيَ العِلْجُ (٢) لرجل من المسلمين يكون له خاصة، زاد ابن الموازعن ابن القاسم: إن الأمير ينتهي الناس إلى أمره ونهيه، وقال: إلَّا أن يبين أنه يهدي للأمير بغير سبب الجيش لمودَّةِ قرابة، أو مكافأة، أو غير ذلك، مما يدلُّ على أنها لخاصته، فذلك له.

وأما ردُّه هدية عياض وقوله: إنَّا لا نقبل زبد المشركين (٣)، يحتمل إن صح أن يكون على الوجه الممنوع، وأنه أراد بذلك إبطال حق من حقوق المسلمين، وأما إنكاره على ابن اللُّتْبِيَّةِ (٤) فلأنه كان عاملا، وهذه رشوة، فإنَّ عامل الصدقة لا يُهدى له إلا ليترك حقًا وجب، أو يكف عن ظلم إذا ثبت ذلك.

قال ابن حبيب: يقبلها الأمير فتكون لأهل الجيش، قال: ولا حُجَّةَ لأحدٍ في هدية المقوقس للنبي ؛ لأنه من خواصه يريد الاختصاص بها دون قبولها، وأمَّا رَدُّها فليس بقول لأحد من أصحابنا.


(١) أي: سحنون. والله أعلم.
(٢) العِلْجُ: يطلق على الكافر. ينظر: المصباح المنير ٢/ ٤٢٥.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>