والثالث: إن كان العامل مرتزقا قدر كفايته أُخِذَت منه لبيت المال، وإلا أُقِرَّت عليه.
وأما قضاة الأحكام فالهدايا في حقهم أغلظ مأثما، وأشد تحريما؛ لأنهم مندوبون لحفظ الحقوق على أهلها دون أخذها، يأمرون فيها بالمعروف، وينهون عن المنكر.
وحال القاضي ثلاثة أقسام:
أحدها: هدية في عمله من أهل عمله، فإن لم يهاده قبل الولاية لم يجز أن يقبل هديته، سواء كان له محاكمة أم لا؛ لأنه معرض لأن يحاكم، وهي من المتحاكمين رشوة محرَّمة، ومن غيرهم هدية محظورة، وإن كان يهاديه قبل الولاية لرحم أو مودة وله في الحال محاكمة، لم يَحِلَّ قبول هديَّته. وإن كان يهاديه قبل الولاية وليس له محاكمة، فإن كانت من غير جنس هداياه لم يجز أن يقبلها، وإن كان من جنسها فوجهان؛ لجواز أن يحدث له محاكمة.
الثاني: هدية في عمله من غير أهل عمله، فإن كان مهديها دخل بها، صار من أهل عمله، فلا يجوز أن يقبلها سواء كانت له محاكمة أم لا، وإن لم يدخل وأرسلها، وله محاكمة هو فيها طالب أو مطلوب، فهي رشوة محرَّمة. وإن أرسلها ولم يدخل ولا محاكمة له؛ ففي جواز قبولها وجهان:
أحدها: لا يجوز؛ لما يلزمه من التزامه.
والثاني: يجوز؛ لوضع الهدية على الإباحة.
الثالث: هدية في غير عمله ومن غير أهل عمله لسفره عن عمله، فنزاهته