وإن كان مما لا يجب لم يكن للعامل أن يتملكها ما لم يعجل المكافأة وجهان:
أحدهما: تعاد إلى مالكها.
والثاني: تكون لبيت المال؛ لأنها مبذولة على فضل ثابت عنهم.
وفي مثله الحديث:«هدايا الأمراء غُلول»(١)، والغلول: ما عدل عن مستحقه.
وإن أهدى إليه بعد استيفاء الحق على غير سبب، فإن عجل المكافأة بمثل قيمتها جاز أن يتملكها؛ لأنه بالمكافأة معاوض، فجرى مجرى الابتياع، وإن لم يكافئ فقد خرجت عن الرشوة والجزاء، فلم يجب ردُّها ويُعرض بها للتهمة.
واختلف أصحابنا فيها على ثلاثة أوجه:
أحدها: تُقَرُّ على العامل؛ لأن رسول الله ﷺ أقر ابن اللُّتْبِيَّة (٢) على الهدية، ولم يسترجعها منه.
والثاني: أنها تسترجع لبيت المال؛ لأنه أخذها بجاه العمل، ويضم إلى المال الذي استعمل فيه؛ لوصولها بسببه، فإن رأى الإمام أن يعطيه جاز إذا كان مثله يجوز أن يبتدأ بمثلها، وإن رأى أن يشاطره جاز، كما فعل عمر في ابنيه [حين](٣) أخذا مال العراق قرضاً، واتَّجَرَا فربحا، فأخذ نصف ربحه (٤).
(١) سبق تخريجه. (٢) سبق تخريجه. (٣) في الأصل: (حتى)، وما أثبته هو الموافق لأصل الكتاب، وهو الصواب. والله أعلم. (٤) راجع الحادثة في: الموطأ ٢/ ٦٨٧، وفي مسند الشافعي (١٢٣٥) ص ٢٥٢، سنن البيهقي (١١٣٨٥) كتاب القراض ٦/ ١١٠، سنن الدارقطني (٣٠٣٢) كتاب البيوع ٤/ ٢٣.