للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنها أولى، فإن قبلها جاز (١).

قلت: وبقي قسم آخر لم يُصرِّح الماورديُّ ولا غيرُه به، وهو: أن يكون في غير عمله من أهل عمله، وذلك يعرض على وجهين:

أحدهما: أن يسافرا جميعًا، وهذا قد يقال: إنه لخروجه صار من غير أهل عمله.

والثاني: أن يرسلهما وهو مقيم في عمله إلى القاضي، وهو خارج عن عمله، والجواز في مثل هذا، وإن اقتضاه إطلاق ما تقدَّم من النص، لكنه بعيدًا؛ لا سيّما إذا عُرِف بقرينة الحال أنه إنما يهدي إليه لأجل الولاية، وقد يُتَّخذ مثل هذا حيلة يتوقَّع سفر القاضي فيتخذ عنده يدًا في سفره، فإذا عاد تحاكم إليه. والصواب عندي في هذا، المنع مطلقًا، لا في عمله ولا في غير عمله، لا من أهل عمله ولا من غيرهم، إلّا أن يكون ممَّن لا يتوقَّع له حاجة عنده البتة، ويحمل النص على هذا، فإن من يكون بهذه الحالة لا يكون إهداؤه لأجل الولاية، بل مكارمة. وكذلك أقول: لو أهدى السلطان ونحوه ممَّن لا يتوقَّع له حاجة عند القاضي، ولو حصلت له حاجة كان أمرًا على القاضي، لا سائلًا منه، فمثل هذا ينبغي أن يجوز القبول منه؛ لأنه أهداه إليه ليس لأجل الولاية، ولا لاستجلاب مَيْل يُحَكِّم، وإن كان الأحسن عدم القبول، وإذا قُبل في هذه الحالة يختص بها لما قلنا: إنها ليست لأجل الولاية. والحاصل: أن القول في تحريم القبول دائر مع خوف الميل والتهمة،


(١) إلى هنا انتهى كلام أبي الحسن الماوردي الذي مبتدأه ص ١٤٨، ينظر: الحاوي، ٢٨٢/ ١٦ - ٢٨٧.

<<  <   >  >>