وإن أُهْدِيَ في حال القتال يكون غنيمة، وهذا مناسب، وهو الذي ينبغي، وإلَّا فما الفرق بينه وبين ما ذكره في «كتاب الأقضية» من حكم هدايا العمال؛ فقوله في «الروضة»: إنها للمهدى إليه، غلط، وقُلْ أن يتفق له مثله.
ولا أجزم بأن الخلاف الذي في القاضي هل يملك أو لا؟ يجري فيه؛ لأن القاضي ربما يقال: يقصد عينه، بخلاف الإمام وأمير الجيش الذي هو منصوب لقوة المسلمين.
ونقل الرافعي عن أبي حنيفة ورواية عن أحمد: أنها للمهدى إليه بكل حال (١)، إما أن يكون مخالفًا لقول محمد بن الحسن، وإما أن يُحْمَل على أنها ليست بغنيمة، بل يكون المقصود بها الهدية، وحينئذ يكون على حكم الهدايا، سواء كانت في حال الحرب أم لا، والشافعي يقول: إنها في حال الحرب غنيمة لا هدية (٢).
وقد رأيت في «البحر» ما يوافق الذي في «الروضة»، فإنه قال: لو كان القوم على القتال فأُهْدِيَ حربيٌّ من الصف إلى مسلم شيئًا كان غنيمة، وهكذا لو أُهْدِيَ إلى الإمام، ولو أُهْدِيَ من دار الحرب إلى مسلم في دار الإسلام لا يكون غنيمة، وينفرد بها المسلم، وكذلك لو أُهْدِيَ إلى الإمام ينفرد بها (٣). وبه قال محمد، وقال أبو حنيفة: يكون للمهدى إليه بكل حال، وبه قال أحمد في رواية.
وقال الماوردي ﵀ في «الأحكام السلطانية»: لا يجوز للعامل أن يرتشي،
(١) ينظر: العزيز شرح الوجيز ١١/ ٤٢٥ (٢) ينظر: البيان، للعمراني اليمني ١٢/ ٣٣٢. (٣) ينظر: بحر المذهب، للروياني ١٣/ ٢٨.