ولا أن يقبل هدية، والرشوة ما يكون لطلب شيء، والهدية ما يكون عفوا (١).
وقال في «الحاوي» في كتاب الأقضية: المهاداة فيما عدا الولاة مستحبة في البذل، ومباحة في القبول، وأما مهاداة الولاة فلولاة السلطنة كالإمام الأعظم، ومن قام مقامه، فكلُّ الناس من رعيته، فإن هاداه أهل الحرب جاز له قبول هداياهم، كما يجوز استباحة أموالهم.
وينظر في سبب الهدية، فإن كانت لأجل سلطانه فسلطانه بالمسلمين، فصارت الهدية لهم دونه، وكان بيتُ مالهم أحق بها منه، وإن هاداه أهل الحرب لمودَّةٍ سلفت، جاز أن يتملكها، وإن هادوه لحاجة عرضت إن كان لا يقدر على قضائها إلا بالسلطنة، كان بيت المال أحق بها منه، وإن كان يقدر عليها بغير السلطنة كان أحق بها من بيت المال.
وأما هدايا دار الإسلام؛ فإن أهدى إليه من يستعين به على حق يستوفيه له، أو ظلم يدفعه عنه، فهي الرشوة المحرمة، لعن الله الراشي والمرتشي والرائش؛ الراشي: باذلها، والمرتشي قابلها، والرائش: المتوسط بينهما.
وأما باذل الرشوة؛ فإن كان لاستخلاص حق، أو دفع ظُلم، لم يحرم البذل كافتداء الأسير، وإن كان لباطل يُعان عليه حَرُمَ بذلها، كما يحرم على المبذول له أخذها، ووجب رد الرشوة على مالكها، ولا يجوز أن توضع في بيت المال.
القسم الثاني: أن يُهدي إليه من كان يهاديه قبل الولاية؛ لسبب أو مودة، فهي هدية، فإن كانت بقدر ما كان لغير حاجة، جاز قبولها، وإن اقترنت بحاجة: امتنع، ويجوز أن يقبلها بعد الحاجة، وإن زاد على هديته فإن كانت من الجيش جاز قبولها، وإلا امتنع.