قواده لا ينبغي له أن يَرْزَأَ (١) من ذلك شيئًا، ولكن الخليفة يأخذها منه، فيجعلها في بيت المال.
وإن كانت الهدية إلى شجاع من المسلمين فهو سالم له؛ لأن طلبهم الرفق من مال الثغر باعتبار قوته بالمسلمين، ومن المبارز باعتبار قوته في نفسه.
ولو أن أمير عسكر المسلمين أهدى إلى ملك العدو فعوضه، فإن كان مثله أو فيه زيادة يتغابن بها، فهو سالم له، وإن كان أكثر فله من ذلك قيمة هديته، والفضل فيء لجماعة المسلمين الذين معه.
وكذلك الحكم في القائد الذي يُرجى ويُخاف؛ أهدت امرأة عمر إلى امرأة ملك الروم، فأهدت إليها امرأة الملك فأعطاها عمر من ذلك مثل هديتها، وجعل ما بقي في بيت المال، فكلمه عبد الرحمن بن عوف فقال له عمر: قل لصاحبتك فليُهدِ إليها حتى ننظر أيهدى إليها مثل هذا (٢).
وإن أهدى مبارز إلى رجل من أهل الحرب؛ قائد أو ملك، فأهدى إليه أضعافها، فهو سالم له؛ لأنه لم يكن باعتبار تعززه بغيره.
ولو أن المسلمين حاصروا حصنًا فباعهم أمير العسكر متاعاً فإن كان بقيمته أو بغَيْنِ يسير، فالثمن سالم له، وإن كان بغبن فاحش فله من الثمن قدر قيمة ملكه، والباقي يكون فيا لأهل العسكر، وإن كان البائع رجلا من عرض العسكر فالثمن سالم له قل أو كثر، ولو أن أمير العسكر بعث رسولا إلى مَلِكِهم في حاجةٍ
= في رد المظالم ص ٢١٣ وما بعدها. (١) رزأ الشيء، نقصه. ينظر: تاج العروس ١/ ٢٤٤، مادة (رزأ). (٢) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٢٤٧٧) ٢/ ٢٢٢، وأخرجه الدينوري المالكي في المجالسة (٢/ ٢١٥)، ٨٣، والمتقي الهندي في كنز العمال (٣٦٠١٥) ١٢/ ٦٦٥.