للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأجازه الملك بجائزة، فذلك سالم له خاصةً؛ لأن الجائزة للرسول ما كانت لرغبة أو لرهبة، بل للإنسانية والمروءة.

وكذلك إن أهدى الرسولُ إلى مَلِكِهم فعوضه أضعافا، سلم كله له، ولو أن ملك العدو أهدى إلى أمير العسكر فأراد أن يعوّضه من الغنيمة، ففي القياس ليس له ذلك، ولكنه استحسن فقال: ما أهدي إليه نظير من الغنيمة فيجوز له أن يعطيَ عوضه من الغنيمة؛ لأنه لو أراد أن يرد ما أُهدي إليه كان متمكنا من ذلك، وإن كان فيه إبطال حق الغانمين عنه.

فكذا إذا أراد أن يقبل ويعوّضه من الغنيمة ورأى النظر للمسلمين في ذلك، إلا أنه لا يعوّضه من الغنيمة أكثر من الهدية مما لا يتغابن به.

والحاصل: أن الثواب مقصود من الهدية فيكون كالمشروط (١). هذا كلام محمد بن الحسن، نقلت جميع الباب لم أحذف منه إلا شيئًا يسيرًا لا يُخِلُّ بالمعنى.

وما ذكره من قبول النبي هدية المشركين خالفه فيه أبو عبيد القاسم بن سلام، فقال في «كتاب الأموال»: إن الثبت عندنا أنه لم يقبل هدية مشرك من أهل الحرب، بذلك تواترت الأحاديث.

وقال في الدنانير التي وصلت إليه من قيصر وهو بتبوك وجعلها فيا: إنها لو كانت هدية ما قبلها.

وكان عياض المجاشعي يخالط رسول الله قبل الإسلام، فلما كان


(١) انتهى كلام السرخسي الذي مبتدأه بداية الفصل، ينظر: شرح السير الكبير، للسرخسي ٤/ ٧٦ - ٨١.

<<  <   >  >>