للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك، فإن ذلك ليس من الأحكام والأفعال التي هو مستخلف فيها.

فإن قلت: فالعالم الذي تعيَّن عليه تعليمُ العِلم، أو وجب فرض كفاية ولم يتعين، هل يجوز قبوله الأجرة أو الهدية عليه؟

قلت: هذا مما اختلف العلماء فيه، والأولى التنزه عنه، ولا يظهر التحاقه في التحريم بالقاضي، فإن القاضي فيه وصفان، أحدهما: الوجوب، والثاني: كونه نائبا عن الله تعالى، والعالم ليس فيه إلا الأول فقط.

فإن قلت: فمن ليس متوليا إذا أهدى إليه؛ ليتحدث له في أمر جائز عند ذي سلطان.

قلت: إذا كانت تلك الحالة جائزة، ولم يكن المتحدث مرصداً لإبلاغ مثلها بحيث يجب عليه، فإن كان لحديثه فيها أجرة بأن يكون يحتاج إلى عمل كثير، جاز، وإلا فلا.

أما الجواز فلأنه إجارة أو جعالة، وأما المنع فلأنَّ الشرع لم يَرِدْ بالمعاوضة في هذا النوع، وإن كان قد يقصده العقلاء.

وقد بان بهذا الفرق بين الرشوة والهدية، وأن ما يأخذه القاضي مَرَاتِبُ:

أعظمها في التحريم: الأخذُ على أن يحكم بالباطل، فيكون قد غيّر شريعة الله تعالى، وأَكَلَ السُّحتَ.

ويليه في التحريم: أن يأخذ ليتوقف عن الحكم بالحق، فإن الحكم بالحق بعد ثبوته واجب متى استحل تركه كَفَرَ.

ويليه: بأن يأخذ ليحكم بالحق أو يتوقف عن الباطل، فيكون قد غير طريقة الله تعالى، وباع عدل الله الذي بذله الله لعباده بغير عوض، وهو راجع إلى الحكم

<<  <   >  >>